نتيجة للخبرات المتراكمة في مجال الجودة، ظهرت فكرة هذه الدراسة والتي تتلخص في مناقشة إمكانية التزاوج بين المساواة وضمان الجودة في التعليم العالي، وفكرة التزاوج هذه تطرح تساؤلين: المساواة وضمان الجودة في التعليم العالي العربي ... هل يلتقيان؟، وهل يمكن أن تتحقق الجودة في التعليم العالي العربي في ظل عدم المساواة وعدم العدالة والفقر متعدد الأبعاد في الوطن العربي؟ تهدف هذه الدراسة إلى مناقشة قضية من القضايا التي أصبحت غاية في الأهمية وهي إمكانية التزاوج بين المساواة وضمان الجودة في التعليم العالي العربي وعرض موجز لتجارب بعض الدول في هذا المجال، وإمكانية الاستفادة منها في وضع آليات ضمان الجودة في ظل الافتقار إلى المساواة والعدالة وتدني مؤشرات التنمية البشرية العربية قياسًا إلى مؤشرات عالمية. إن عدم المساواة الناتج عن الفقر متعدد الأبعاد، يؤثر في الإنجاز التعليمي الذي يحققه الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة، ويؤدي إلى الرسوب والتسرب مما يؤثر بدوره في ضمان الجودة التعليمية سواء على مستوى التعليم العالي أو التعليم قبل الجامعي. لذا فالدعوة ملحة إلى ديموقراطية التعليم بمفهومها الحقيقي الواسع الذي يؤمن لكل فرد، صغيرًا كان أم كبيرًا حدًا أدنى من التعليم يسمح له بالتهيؤ للحياة وممارسة دوره كمواطن منتج، وتحقيق ذاته كفرد. كما يفترض ذلك أن يكون هذا الحد الأدنى مشتركًا بين الجميع، وذلك حتى لا يوجد داخل المجتمع الواحد مجموعات محرومة من حقها الطبيعي في الحصول على فرص متكافئة من التعليم مع غيرها. وتحاول هذه الدراسة تصور رؤية مقترحة لتحقيق التزاوج بين المساواة وضمان الجودة في التعليم العالي العربي.