نسعى من خلال هذا الجهد المعرفي ذو الطابع التحليلي إلى تأصيل المعالجات العلمية ذات الصلة بواقع الطفولة في حقل علم الاجتماع ترسيخا لموقف علمي عملنا ولانزال نعمل من خلاله يفيد أنّ التعاضد بين الحقول المعرفية ضرورة منهجية وتأصيلية. ونعتبر أنّ لعلم الاجتماع في هذا الشأن أهمية لا من حيث كونه معرفة خالصة، بل من جهة أنّ مسائله تترسخ في رحم الواقع الاجتماعي على النحو الذي يكشف فيه عبر مناهجه المتعدّدة عن صيغ وآليات تشكل هذا الواقع ماديا وعن خلفياته الرمزية والدلالية. وهو في هذا حين يتقاطع مع غيره من المعارف خاصة القانونية أو الشرعية يعطي فرصة لاستنطاق الوقائع عموما وعلى جهة الخصوص ما له رابط بعالم الطفولة بما يتيح معه امكانية تشخيص الحال واستخراج العلل واستنباط الأحكام.
والطفولة في هذا المضمار فئة تحتاج منّا إلى اهتمام (رجب، 2000؛ 2001)، يقدّم لها بما هي واقع نفسي واجتماعي وثقافي له ارتدادات سياسية واقتصادية تعبّر عنه أنواع الخطاب الصريح والضمني حول الطفل الذي يبقى الوحيد الذي لا يتكلّم أصالة عن نفسه في حين يتكلّم نيابة عنه كل الناس. والإضافة في مجال العلوم الاجتماعية من هذا الباب وليدة الانتباه إلى نوعية المراكمات المعرفية الحاصلة طيلة تاريخها أولا وأساسا؛ ومن ثمّ التقاط اللحظة المعرفية التي يمكن أن تحقق التعاضد المشار إلى ضرورته سابقا.