يلعب القضاء فى أى نظام قانونى دورا هاما وأساسيا من أجل
تطبيق القانون وتنفيذه. فمن خلال القضاء يتم ملاحقة
مرتكبى المخالفات القانونية ، وإنزال العقاب بهم ، فتعلو كلمة
الحق ، ويرتفع شأن القانون ، ويتحقق السلم والأمن فى
ولهذا كانت فكرة إنشاء قضاء جنائى دولى ، قديمة ، قدم ذلك
الفر ع من القانون الدولى ، المعروف بالقانون الدولى الجنائى.
فقد تطلع الفقهاء والمشتغلون بهذا الفرع منذ بدايات القرن
العشرين ، إلى إنشاء قضاء جنائى دولى ، يتمتع بصفة الحياد
والاستمرارية ، يتولى النظر فى المخالفات والانتهاكات التى
يتم ارتكابها بالمخالفة لقانون وأعراف وعادات الحروب . فتم
إنشاء أول قضاء جنائى دولى بعد الحرب العالمية الثانية ،
لمحاكمة مجرمى الحرب ، الذين ارتكبوا أفظع وأبشع الجرائم
غير الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية ، وهو القضاء
المعروف بالمحكمة العسكرية الدولية فى نورمبرج وطوكيو .
وقد كان هذا القضاء مؤقتا ومحددا بالنظر فى جرائم الحرب
التى تم ارتكابها خلال فترة الحرب العالمية الثانية فقط ،
ولذلك لم تستمر هذه المحاكم فى عملها بعد انتهاء مهمتها . ثم
تولت لجنة القانون الدولى بالأمم المتحدة ، دارسة فكرة إنشاء
قضاء جنائى دولى دائم ، بعد انتهاء محاكمات نورمبرج
وطوكيو ، إلا أنها لم تفرغ من مهمتها إلا بعد فترة طويلة
قاربت على نصف القرن من الزمان ، عندما تقدمت
بالمشروع النهائى للنظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية
فى عام ١٩٩٤ إلى الجمعية العامة التى وافقت عليه فى
صورة اتفاقية دولية ، وبالفعل تم إنشاء أول "محكمة جنائية
دولية" فى تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة ، تتمتع .
الحياد والاستمرارية .