مازالت الجريمة بصفة عامة ، والجريمة المنظمة عبر الوطنية
بصفة خاصة من أقوي التحديات التي تواجه الدول وحكوماتها وأغلب
المجتمعات الإنسانية - سواء أكانت دولا متقدمة أو نامية - ومن المشاكل
الرئيسية للجماعة الدولية ككل .
ويقصد بالجريمة المنظمة عبر الوطنية تلك الجريمة التي ينسب
ارتكابها لجماعة من الأفراد ضمن هيكلية محددة وتسلسل إداري متدرج
داخل بنيان قائم بقوانين وأعراف ملزمة لأعضائها تمارس أنشطتها
الإجرامية علي نطاق عالمي يتجاوز حدود الدولة الواحدة ، إلي الحدود
الدولية والقارات ليتجاوز خطرها وخطورتها الإجرامية النطاق الاقليمي ،
وتتعدد جنسيات أعضقها أو المساهمين في تحقيق أهدافها الاجرامية
بوسائل ومشروعات غير مشروعة أو مشروعة كأنشطة الاستشاريين
والمحاسبين والمحامين وغيرهم من المتعاونين مع المنظمة ا،
وقد ساعدت بعض العوامل والظروف الإقليمية والدولية علي الكشف
عن النشاط المتزايد والمتنامي لأنشطة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ،
والتي باتت تهدد الاقتصاد الوطني للعديد من دول العالم ، ولعل أبرز تلك
العوامل انهيار دول تكتل الدب الشيوعي فيما كان يعرف " بالاتحاد
السوفيتي " إلي كيانات اقتصادية هشة داخل دول صغيرة تعصف بها رياح
الفوضى وعدم الاستقرار ، بالإضافة إلي تدفق موجات العولمة وثورة
الاتصالات والتجارة الالكترونية عبر الحاسبات الآلية وشبكات معلوماتها أو
ما يعرف "بالانترنت "وسرعة انتقال الأموال والأنشطة إلي خارج الحدود
الوطنية والإقليمية ليشمل النطاق العالمي والدولي عبر الوطني ، مهددة
المصالح الاقتصادية الوطنية في المقام الأول ، إلا أنها لم تحصر نفسها في
ميادين المال والاقتصاد وحدهما بل انطلقت لتمد نشاطها الإجرامي إلي
مجالات سياسية واجتماعية عديدة ، كجرائم الإرهاب وتجارة السلاح
وتهريب المهاجرين ، وتجارة التحف والأثار وتزييف وتقليد العملة وجرائم
الكمبيوتر والإنترنت والقرصنة المعلوماتية ، والدعارة الدولية فضلا عن
تجارة المخدرات وغسل الأموال ، ولم تسلم البيئة الدولية من نشاط
الجريمة غير المنظمة عبر الوطنية ، حيث امتد النشاط الإجرامي إلي