أدى التقدم العلمي والتطور التقني والتكنولوجي في المجتمع المعاصر إلى ظهور العديد من التقنيات الحديثة التي قدمت للبشرية سلعًا أكثر رفاهية أسهمت في تيسير حياة الإنسان وحققت له المزيد من الرفاهية على النحو الذى أصبح من غير الممكن الاستغناء عنها إلا أن هذه التقنيات الحديثة تحمل في ذات الوقت في طياتها أخطارًا كامنة تهدد حياة الإنسان والتي يصعب اكتشافها لعدم استطاعة المضرور الإحاطة بدقائق الأمور الفنية الخاصة بها، وتمثلت هذه المخاطر في الأضرار الناتجة عن الأنشطة الصناعية والتكنولوجية الحديثة مثل: ( أضرار الذكاء الاصطناعي – النفايات النووية – المنتجات المعيبة – الأضرار البيولوجية – الأضرار الكهرومغناطيسية ). الأمر الذي بدت معٌه الحاجة ماسة لمواجهة تلك المخاطر المستحدثة وتنظيم المسؤولية الناشئة عنها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن القواعد العامة في المسؤولية المدنية القائمة على فكرة الخطأ، لم تعد تكفي للإحاطة بها، ولم تعد تتواكب مع العصر في ظل التطور الصناعي والتكنولوجي المتلاحق، فلم يعد اعتبار الخطأ الأساس الوحيد لقيام المسؤولية يتفق مع الأوضاع المستحدثة لهذه المخاطر، والتي قد يتولد عنها أضرار يصعب إثبات الخطأ بشأنها وتحديد شخص مرتكبها، مما قد يترتب عليه من ضياع حقوق المضرورين، والتي تأبى قواعد العدالة تركهم دون تعويض، الأمر الذى استلزم بيان مدى الحاجة إلى استحداث نوع جديد من المسؤولية لكى تتواكب مع المخاطر المستحدثة للتطور التقني، تقوم على فكرة ضمان المخاطر وليس الخطأ، وكذلك ببيان مدى الحاجة الى إجراء التعديلات اللازمة في التشريعات الوطنية لتنظيم المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن المخاطر المستحدثة بتبني مبدأ المسؤولية الموضوعية لتوفير الحماية اللازمة للمضرورين من مخاطر وأضرار تلك التقنيات الحديثة.