كشفت الانعكاسات المتباينة للحرب الروسية الأوكرانية على مدى هشاشة القوى العظمى وضعف تأثيرها، مقابل حجم الثقل النوعي لمُقدرات الأقاليم الفرعية، وفي مقدمتهم إقليم الشرق الأوسط . فضلا عن ذلك، تمتلك الكتلة العربية العديد من الأوراق التي يُحسن التفاوض من خلالها على إعادة تموضعها بهيكل النظام الدولي متى تم توحيد أجندتها الإقليمية. إذ في مقدمة تلك الأوراق ما يتعلق بملف الطاقة من النفط والغاز، والاستثمارات البينية، ومركزية الممرات البحرية للتجارة الدولية، كذلك ادارة ملفات اللجوء والهجرة غير الشرعية، والتنظيمات "الإرهابية"، والخبرة العملية في تقويض ما بات يُعرف بالانتقال النوعي لظاهرة الذئاب المنفردة. حيث أن تلك الأوراق قد تدفع العالم العربي نحو مقايضة الولايات المتحدة الأمريكية بما يدعم مصالحه الحيوية في الشرق الأوسط، وتموضعه بالنظام العالمي وذلك فى ظل هشاشة النظام الأمريكي القائم وعدم حسمة للعديد من الملفات ذات الإنعكاس المباشر للحرب القائمة. وهو ما يمكن إختبارة بالنظر إلى عدد من العناصر ، فى مقدمتها: عودة الإنخراط الأمريكي بالشرق الأوسط، إستمرار ثبات المصالح الحيوية الامريكية بالاقليم العربى، وتطويق التحركات الصينية بالمنطقة، ..إلخ.