لا اختلاف حول وجود صلة قوية وقائمة بين النص المنتج والظروف التي أحاطت بعملية إنتاجه فهذه النصوص لا تكتب اعتباطا . فهناك ظروف مهدت لهذا النص للخروج بهذا الشكل و بهذا المحتوى ليعبر عن واقع وعن قضية معينة . فتماهي الخطاب الأدبي مع المعتركات السياسية يلعب دورا مهما في تشكيل صورة الواقع ، "ولا يمكن أيضا فهم الأدب في حقبة تاريخية محدودة بغير تحليل دقيق للظروف السياسية و الاقتصادية السائدة ..."([i]).
وتعتبر القضايا السياسية من أبرز القضايا التي باتت تشغل المثقفين و الكتّاب ، فلجؤوا إلى الفن القصصي للتعبير عن رؤيتهم السياسية وواقع مجتمعهم ، وأثر تلك السياسة عليهم وعلى واقع مجتمعهم ، فأصبح ما يكتبون تنفيسا عما في نفوسهم الغاضبة ، فلم تعد السياسة – في وقتنا الراهن – شغل السياسيين وحسب .
بل كل إنسان معنيّ الآن بالسياسة ؛لأن السياسة هي المحرك الأساسي لأي فرد و لأي مجتمع ؛ ليستطيع من خلالها تحديد ملامح مستقبله ومستقبل البيئة التي يعيش فيها، فالعلاقة بين الطرفين علاقة تبادلية يؤثر كل طرف فيها على الآخر.
والأديب الذي يرسم بريشته هذا الإبداع يعي ذلك جيدا؛ لأن همومه هي هموم مجتمعه وشعبه ، ومستقبله هو مستقبل مجتمعه كذلك. ومن يكتب من المثقفين و الأدباء في السياسة " ليس منتميا – بالضرورة- إلى حزب من الأحزاب السياسية لكنه صاحب أيدلوجيا،ويريد أن يقنع بها قارءه بشكل صريح أو ضمني "([ii]).
لذلك فالكاتب في اختبار صعب من خلال عرض آرائه . فالأعمال الفنية وما يتخللها من أفكار ورؤى سياسية يمكن عدها عبئا وإغراء . فعبئا لأن في أطروحاته ، وأفكاره السياسية التي يتبناها قد تجعله في صدام مع
السلطة والتي قد تنحرف عن المسار الصحيح ، فلا يجد المثقف و الأديب إلا الهروب بالكتابة ساعيا إلى تعرية هذا الواقع و كشف مساوئه عن طريق الأدب .
وأما إغراء فان تسليط الضوء على الواقع ومعاناة الناس يعد فرصة ثمينة للتقرب من الجمهور الذي يعاني من هذا التخبط السياسي . ويزعم الباحث أن الروايات في العقود الماضية هي روايات سياسية معظمها.
فكل رواية ترفض السائد الضار هي رواية سياسية ففي " كل أمر من أمور الدنيا سياسة ،ومن الصعب تجزئة حياة الإنسان إلى سياسية ولاسياسية ، فالشاب الذي لا يستطيع أن يتزوج بسبب أزمة الإسكان ، يعاني من مشكلة سياسية والرجل العاجز جنسيا بسبب القهر الواقع عليه يدفع ثمن مشكلة سببها الأساسي سياسي ، في عصرنا نحن نتنفس السياسة ليل نهار