خصَّ الله – عز وجل- اللغة العربية، لغة القرآن، بحرفين تميّز بهما العرب عن سواهم، وهذا الحرفان هما الضاد والظاء.
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي: "الظاءُ حرف عَربيٌ خُصَّ بِهِ لسانُ الْعَرَب، لا يَشْركُهم فِيهِ أحدٌ من سَائِر الْأُمَم"([1]).
وقال ابن جني: "واعلم أن الضاد للعرب خاصة، ولا يوجد من كلام العجم إلا في القليل"([2]).
وكان العرب الفصحاء لا يخلطون بينهما في النطق. وبعد أن اختلط العرب الأعاجم فسدت الألسنة، وشاع اللحن، وصعُب عليهم نطق الضاد، يضاف إلى ذلك الخلط بين الضاد والظاء في الكتابة أيضا.
ولعل التشابه بين حرفي" الضاد والظاء" مع اختلاف المعنى قد شَغَل عددا كبيرا من علماء العربية مما دفعهم إلى تأليف الرسائل والكتب حول هذا الموضوع من التأليف، ويؤكد هذا النمط من التأليف الدرجة الرفيعة التي وصل إليها علماء المسلمين في استقصاء المعاني للمفردات، وتحديد مدلولاتها، والدقة في استخدامها والتعبير بها.
لكل هذا نال حرفا الضاد والظاء عناية العلماء، فكثر المؤلفات فيهما نظما ونثرا، وقد ذكر الدكتور/حاتم الضامن في مقدمة كتاب معرفة الضاد والظاء لابن الصقلي نحو أربعين منها([3]).
ولما لهذا الموضوع من أهمية في تراثنا العربي، ونشر عدد قليل من الرسائل والكتب التي تناولته، أراد الباحث أن يساهم بجهد متواضع في نفض غبار الزمن عن بعضها، فوقع اختياره على مخطوطة:" بغية المراد فيما يتكلم به من الأسماء بحرف الظاء والضاد لـ محمد بن نصر القاضي المصري الحنفي"، فهو من الكتب النفسية التي تفردت بهذا النوع من التأليف ولم ترَ النور بعدُ.
وما أحوج المكتبة العربية إلى مثل هذه الكتب، فعقدت العزم، وجددت النية، ودعوت الله سائلا إياه العون في تحقيق هذا الكتاب، وإخراجه إلى النور، راجيا العفو والسماح، جاعلا إياه خالصا لوجه الله – عز وجل-.