تعد ثلاثية نجيب محفوظ من أهم الروايات العربية، فقد زخرت بكثير من الجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتاريخية، وتتميّز بلغتها الثرية، والثلاثية تحتمل مقاربات لسانية متعددة، منها ما يتصل بالجانب الصرفي، ومنها ما يتصل بالجانب التركيبي، ومنها ما يتصل بالجانب الدلالي وغير ذلك. وقد رأت الباحثة أن تتناول الثلاثية من منظور سيميائي، يبحث في العلاقة بين اللغة والدلالة. وبقراءة الثلاثية وجدت الباحثة ظاهرة لافتة للنظر هي ظاهرة ( الصمت )، وكان التساؤل، كيف يؤثر الصمت من الناحية السيميولوجية في المعنى؟
وبالقراءة الدقيقة نجد أن الصمت لعب دورا كبيرا في ثلاثية نجيب محفوظ وقد طوّع محفوظ (الصمت) لخدمة تطور شخصيات ثلاثيته، واختلفت دلالة ( الصمت ) في كل شخصية عن الأخرى، ولم تقتصر دلالة الصمت على الشخصيات فقط، بل شملت الأماكن والطبيعة.
ويسعى البحث إلى كشف طبيعة تشكلات الصمت في الثلاثية وكيف يتغيّر معنى الصمت من موقف لآخر ومن شخصية لأخرى، ووقع اختياري على الثلاثية لسبب آخر هو الامتداد الزمني للرواية الذي انعكس على أحداثها وشخوصها، فخلق تنوعًا فريدا فيها.
وستعتمد الباحثة على المنهج الاستقرائي، لاستنتاج الدلالات المختلفة للصمت.