لا مرية أن المسئولية المدنية للموثق تأثرت بالتطورات التي شهدها المجتمع في الوقت الراهن، نتيجة للتغيرات الاقتصادية المتسارعة، وما استتبعه من تشابك العلاقات التعاقدية بين الأفراد وتنوعها، كما ساهمت التطورات الاجتماعية والثقافية في زيادة الوعي القانوني لدى الأفراد، الأمر الذي أدى إلى ترسيخ نوع من الثقافة لديهم جعلهم أكثر حرصاً من ذي قبل فباتوا يسعون إلى حماية أموالهم وحقوقهم بشتى الوسائل القانونية، ونتج عن ذلك زيادة اللجوء إلى الموثق باعتباره المهني الذي يرنون إلى الاستفادة من خبرته القانونية المتخصصة.
ولقد كان للتطور الذي لحق مهنة التوثيق ذاتها دوراً واضحاً في الاهتمام بالمسئولية  المدنية الناجمة عن ممارسة المهنة، تلك المهنة التي أضحت أكثر تعقيداً واتساعاً عن ذي قبل، نتيجة لزيادة أعباء وسلطات الموثق مما ألقى بظلاله على التزاماته القانونية فتنوعت وتعددت بالتبعية لذلك، ولعلنا نفسر ذلك بالطبيعة الخاصة للمهنة والتي لم تعد معها مجرد وظيفة عامة يمكن لأي موظف التصدي لها أو القيام بأعبائها، مما منح مرفق التوثيق أهمية خاصة ومتميزة بالنظر إلى جسامة الآثار القانونية المترتبة على عمل الموثق