فلقد أنجبت هذه الأمة علماءً أفذاذا، في أنواع العلوم المختلفة ولاسيما العلوم الشرعية، فكانوا فقهاء الإسلام ومصابيح الظلام، الذين اجتهدوا في استخراج الأحكام، فرضي الله عنهم وأجزل مثوبتهم وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء، بما حفظوا الأمانة، وأدوا النصيحة، ووفوا بالعهد ، كان على رأسهم الإمام الرافعي وكتابه الماتع الوجيز شرح العزيز ، لهذا كان بحثي في قاعدة " الأصل براءة الذمة ، ولقد قسمت البحث إلى ثلاثة مباحث : المبحث الأول : التعريف بالقاعدة الفقهية ، المبحث الثاني : التعريف بالإمام الرافعي ، المبحث الثالث : قاعدة الأصل براءة الذمة عند الرافعي.

المبحث الأول : تعريف القواعد الفقهية

القواعد: جمع قاعدة، ومعناها في اللغة: الأساس والأصل؛ فقاعدة الشيء أساسه وأصله، قال ابن فارس ( ): " وقواعد البيت: أساسه. ( )" وقال ابن منظور ( ):" والقاعدة: أصل الأُسِّ، والقواعد: الإساس، وقواعد البيت إساسه. وفي التنزيل: قال تعالى:(ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ) )، وفيه:(ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ) ( )؛ قال الزجاج ( ) إذًا فالقاعدة هي أصلٌ لما يبنى عليه غيره, وأساسٌ لما يتفرع عليه وبهذا المعنى كانت القاعدة الفقهية أصلاً وأساسًا لما يتفرع عليها من جزئيات وفروع .