هذه دراسةٌ حاولتْ فيها أنْ أعرض لجهود المستشرقين الألمان في تحقيق مخطوطات علم الكلام، وقد صنعتُ لها حدودًا ومنهجًا، فأمَّا حدُّ هذه الدراسة فيتمثل في أنها تدور حول مدرسة الاستشراق الألماني دون غيرها من مدارس الاستشراق المختلفة، ثم اقتصارها على منجز الاستشراق الألماني في تحقيق مخطوطات علم الكلام، دون الالتفات إلى جهودهم في نشر ودراسة بقية فروع المعرفة من ناحية، ومن ناحية أخرى إلى أعمالهم الفكرية التي رصدت تاريخ الحركات الفكرية في المجتمع الإسلامي.
أمَّا المنهج الذي قامت عليه هذه الدراسة هو المنهج النقدي الإحصائي، الذي يُعلي من شأن الدرس النقدي لهذا المنجز العلمي الذي خلَّفه المستشرقون الألمان في مجال علم الكلام، ثم لم يسلك هذا الدرس النقدي سبل التراجم العامة في دراستها لهؤلاء المستشرقين، والتي قصدت إقامة قوائم رصدية لكل مستشرق وأعماله التحقيقية التي ارتبط فيها بالتراث العربي المخطوط مع تعليق بسيط ربما لا يتعدى بضعة سطور فقط، وإنما سلكت هذه الدراسة وجهةً أكثر تفصيلًا، حيث قصدت دراسة كل مستشرق على حدة، والوقوف على ترجماته المختلفة، وقصور بعض المصادر في باب الترجمة، ثم مُنجزه التحقيقي الذي تصدى فيه لمخطوطات علم الكلام، ونقد هذا المـُنجز من خلال منهج يعتمد على دراسة النص المنشور، ورصد التحقيقات الأخرى لهذا النص الذي نشره المستشرق، ومكانة نشرة المستشرق بين هذه النشرات الأخرى...إلى غير ذلك من تلك النقاط المنهجية. والمستشرق الأول الذي دارت حوله هذه الدراسة هو (يوسف مولَّر) المتوفى سنة 1874م.