يتناول هذا البحث بعضَ مفاهيم وقضايا الدرس التداولي الحديث في محاولة للبحث عن أصولٍ لها عربية ، خاصة بعد أن صارت التداولية تحتل في الدرس اللغوي مكانةً لا يمكن تجاهلها أو الحد من قيمتها ؛ وذلك بما أحدثته من ثورة في مجال الدراسات  اللغوية الحديثة ،إذ تقوم في جوهرها على رفض ثنائية اللغة/ الكلام (Langue/ parole) التي نادى بها رائد اللسانيات الحديثة (دوسوسير) والقائلة بأن (اللغة) وحدها دون (الكلام) هي الجديرة بالدراسة العلمية.
 وقد حاول بعض الباحثين حصر المهام والأهداف الرئيسة للتداولية ، وإن كان من الصعوبة بمكان تحديدها ؛وذلك لاتساع مجالها وتعدد اهتماماتها ،إذ يشمل البحث فيها كل جوانب اللغة تقريبا ، إلا أنه يمكن القول بأن أبرز تلك المهام   تتمثل في : 
1-  العناية بتتبع أثر القواعد المتعارف عليها من خلال العبارات الملفوظة وتأويلها ، كما تهتم أيضا بتحليل الشروط التي تجعل العبارات جائزة ومقبولة في موقف معين بالنسبة للمتكلمين بتلك اللغة.
2- السعي لإيجاد مبادئ تشتمل على اتجاهات مجاري فعل الكلام المتشابك الإنجاز الذي يجب أن يوجد عند إنجاز العبارة كي تصير ناجحة ومفهومة .
3- محاولة البحث في كيفية تماسك ظروف نجاح العبارة كفعل إنجازي ، أي إنزال الأعمال المنجزة في موقف (سياق) معين ،وصياغة الشروط التي تعين أيَّ العبارات تكون ناجحة في موقف ما ، والذي ندعوه "السياق" .