يعتمد تفعيل النظام الديموقراطي علي جانبين ، أولا ً :الجانب المؤسسي ، والذي يتمثل في وجود الإجراءات والمؤسسات السياسية كالدستور والمجالس النيابية والانتخابات الدورية والأحزاب وجماعات المصالح . وثانياً ً : الجانب القيمي ، والذي يتمثل في وجود مجموعة من قيم واتجاهات ومعارف تشجع على الممارسة الديموقراطية ، وتتمثل في احترام الدستور وتوظيف المؤسسات . يقتضي ذلك وجود ثقافة سياسية ديموقراطية .
لذلك يعد توفير القيم الثقافية السياسية التي تشمل الاعتدال والتسامح والفاعلية والمعرفة والمشاركة ، ومستوي معين من الرخاء الاقتصادي ، ووجود نخبة سياسية مناضلة من أجل الديموقراطية يعد تمهيدا ًللتحول نحو الديموقراطية ، حقيقي إن تلك المتطلبات لم تتوافر جميعها في كل البلدان التي تمكنت من التحول نحو الديموقراطية ، إلا إن حدوث ذلك بدرجات متفاوتة يساعد في نجاح عملية التحول نحو الديموقراطية .
إن التنشئة السياسية تعتبر هي أكبر العوامل الاجتماعية المؤثرة في تشكيل الثقافة السياسية، ويتاين تأثير مؤسساتها التي تضطلع بهذ الدور من وقت إلى آخر ، لذلك وجدنا أهمية في دراسة تلك المؤسسات ، وهي : الأسرة ، لأنها المؤثر الأول الذي ينشأ عليه الفرد ، بكل قيم وسلوكيات الوالدين واتجاهاتهم ، والمدرسة التي تأتي ثاني مؤثر في تشكيل وعي الأفراد لأنها تشغل وقت كبير من حياتهم ، ومن ثم الجامعة وجماعات الرفاق التي تعد مؤثر قوي في تغير سلوكيات وقيم واتجاهات الأفراد بسبب تنوع الآراء والأفكار ، وبعد ذلك تأتي منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية و الجيش ، والذين يختلف تأثيرهم تبعا ً للأشخاص والظروف الاجتماعية والاقتصادية.
إن دراسة مؤسسات التنشئة السياسية وتأثيرها علي تشكيل الثقافة السياسية في المجتمع المصري هو بمثابة دراسة للوضع الراهن والتعرف علي مدي ديموقراطية الثقافة السياسية للمصريين وما الأسباب الاجتماعية وراء تلك الثقافة ، وذلك للمساهمة في إلقاء الضوء علي تفعيل سياسات عامة لدعم الثقافة السياسية الديموقراطية في المجتمع المصري.