هذا البحث يحاول أن يدخل إلى نفس المتنبي ليعرف الأسباب التي دفعته إلى هجاء كافور بهذه القسوة , وأودع هجاءه في قصيدة شعرية خالدة , وأثبت البحث من خلال المنهج التحليلي أن هذه القصيدة عتاب لسيف الدولة الذي يحبه ، لكنه تركه فريسة للسفلة من الأمراء الذين لا يستحقون هذه المنزلة فأهانوه , وحجزوه , وهذا لا يليق بمثله . 
وقد خلصت إلى النتائج الآتية: أن تحليل النصوص الشعرية مرتبط ارتباطًا وثيقا بمعرفة البيئة التي نبتت فيها هذه القصيدة؛ لأن كل لفظة، وكل حركة في النص الشعري، هي وليدة النفوس المجتمعة في الزمان الخاص، والمكان الخاص، والأحوال الخاصة، وفصل القصيدة عن هذه الأحوال يُعدّ قتلًا للمعاني التي حملتها، وتشويهًا للدلالات التي تسربت في أعطافها.
أن تحليل النصوص لون من الإبداع الذي يتطلب مشاركة الشاعر في كل شيء، مشاركته في تجربته، في زمانه ومكانه، في أحواله التي ألمت به حتى تستطيع أن تقتحم حماه, وتستخلص مراده من كلامه, وللشعراء حمى لا يسمحون لأحد بالاقتراب منه إلا لمن أذنوا له, ولا يأذنون إلا لمن عاش معهم، واستأذن منهم, وسمع شكواهم, والتمس لهم الأعذار فيما قالوه، وعندها يألفهم ويألفونه، ويحبهم ويحبونه، وعندها فقط يسمحون له أن يسكن نفوسهم ليتعرف على مرادهم، وكل ذلك يكون بمداومة قراءة شعرهم، والتغني به تغني المحب العاشق.