تعد المکتبات العامة أحد أهم المؤسسات الثقافية في المجتمعات التي تلعب دورا کبيرا في رفاهية وتقدم المجتمع، ولا شک أنها قد عانت في الفترة الأخيرة من حدثين هامين أثرا عليها بالسلب، أولهما: الهزات الإقتصادية التي أثقلت کاهل العالم أجمع ودعت إلى تقليص نفقات المکتبات العامة بل والمناداة بإغلاق بعضها، وثانيهما: إنتشار وباء کورونا الذي أثر بالسلب على أداء المکتبات واضطر الکثير منها إلى تقديم خدماتها وأنشطتها إليکترونيا في ظل المحاذير من خطورة التواصل الإجتماعي في الأماکن المغلقة؛ الأمر الذي أثار الشک في جدوى وجودها مکانيا .
کما أن للمؤسسات الثقافية جانب إقتصادي مهم يغفل الجميع عن إبرازه، وهو جانب يعزز من قيمة المکتبات لدى العاملين بالمکتبات ومتخذي القرار فيها والجهات المانحة والمجتمع ککل؛ ولعل سبب ذلک يرجع إلى عدم التخصصية المالية من جانب أمناء المکتبات، ولعل ذلک ليس مبررا يسوغ لنا إهمال ذل الجانب في ظل تفوق المکتبات الأجنبية فيه بل والتسابق من أجل إبراز جدواها الإقتصادية في المجتمع.
ولعل الوقت قد حان الوقت لالقاء الضوء على الجانب الإقتصادي للمکتبة من خلال قياس وحدة التکلفة لکل أنشطتها التي تقوم بها وبيان التکلفة المباشرة وغير المباشرة وذلک من أجل تسعير عادل لأنشطة المکتبة وخدماتها سواء بالنسبة للمکتبة أو المستفيدين ، الأمر الذي سيمکننا من ترشيد النفقات غير الضرورية وکذلک بيان مصادر الدخل المختلفة وتقييمها طبقا لأهميتها.