Subjects
-Tags
-Abstract
هناك فروق فاصلة مابين سمو وسقوط البطلين التراجيديين تشكل فى جملتها الرسالة الثقافية والحضارية لكل عصر منطلقة من النص المسرحى، خاصة أن التغير في أحوال البطل من السعادة إلى الشقاء، لايحدث بسبب الخبث والشر، بل بسقطة عظيمة، فهذه السقطة العظيمة، هي إذاً نقطة الضعف في شخصية البطل التي لاتجعله كامل الفضيلة، والتي تنجم عنها الفاجعة، ويمكننا القول أن الخطأ المأساوي الذي يسبب تعاسة البطل التراجيدي، يرجع إلى حكم خاطئ على الموقف، سواء عن جهل أو تعمد وعناد.
فالإنسان مهما كان قوياً، فإن القوى الغيبية القدرية تظل أقوى منه وعن طريق التحدي بالإرادة يستعر الصراع بين الإرادتين، وتنتصر إرادة القدر أو مشيئته. وهنا يكمن نبل التراجيديا في هذا الموت المحتوم الذي يواجه البطل المقضي عليه، والذي يقاوم حتى آخر لحظة في حياته، تحقيقاً لذاته الإنسانية، وتأكيداً نبيلاً لموقف الإنسان الذي يرفض الاستسلام، كاشفاً في صراعه المهيب بأسرار النفس وأسرار الوجود، وأن ما حل بالبطل التراجيدي يعتبر تطهيراً لنفسه عن الأخطاء التي ارتكبها بدون وعي منه، فبهذا كان المبدأ الخلقي يقضي، وحتى يعود النظام مرة أخرى، لابد من تطهير نفس البطل.
إن التجربة التراجيدية لاتعني أن يدور الإنسان في حلقة مفرغة من النزوع المبهم، إنما يؤكد أن هناك تجاوزاً جدلياً بالفعل للتجربة الراهنة ومفارقة لإخفاقها بشكل ما ويعتمد ذلك على المعاناة، فهي تؤدي مع اكتمالها إلى ذلك بالضرورة. يتضح لنا أن مسرحية (أنتيجونا) تشتمل على صفة جديدة، ففيها وجه الكاتب عنايته الكبرى إلى الشخصية البشرية إلا أن الآلهة قد اقتربت على نحو غامض من سير الحوادث، ولئن خلت أشخاص المسرحية من الكائنات العلوية فلقد أضفى المؤلف على الكائنات البشرية وأعمالهم ضوء الموضوع الأساسي، وهو موضوع ميتافيزيقي في جوهره.
فقد انقلب الصراع بعض الشيء إلى صراع رغبات إنسانية، فـ "أنتيجونا" التي لاتصارع قوى عليا خفية، بل تصارع كريون، فالصراع إذن بين رغبتين إنسانيتين، وذلك مرده إلى طبيعة مسرح سوفوكليس الإنسانية. قد كان ميلر حريصاً كل الحرص على التمكن من عنصر الصنعة في فنه، إذ أن إدراكه لأسرار الصنعة كفيل باستيعاب الاتجاهات الدرامية التي قد تختلف إلى درجة التناقض التام، فهذا التناقض في يد الكاتب الخبير يمكن أن يتحول إلى طاقة درامية حية وخلاقة. كان العنصر التراجيدي في مسرح ارثر ميلر السبب الرئيسي في تجنبه لأخطاء المسرحية الاجتماعية، فهو يدرك بعمق وبموضوعية التناقضات التي تمزق الإنسان المعاصر، وهي ليست تناقضات اجتماعية بمفهوم الواقعية الاشتراكية، لكنها ظواهر نابعة من صراعات وأكثر فاعلية في المجتمع الإنساني ككل وبصفة عامة، وليس الإنسان الفرد إلا أحد ضحاياها. يمتاز ميلر، من ناحية التكنيك، بالتركيب المتماسك، وقد استطاع أن يتغلب على قيود التكنيك الواقعي، فلم يسرد قصة البطل سرداً تاريخياً مطرداً، ,إنما أخذ يطلعنا على حاضره، ثم يعود بنا إلى ماضيه ثم يرجع مرة أخرى إلى حاضره.
DOI
10.21608/jsezu.2015.237651
Keywords
البطل التراجيدي, سوفوكليس, ارثر ميلر, أنتيجون
Authors
Last Name
سعيد محمد إسماعيل
MiddleName
-Affiliation
-Email
-City
-Orcid
-Link
https://jsezu.journals.ekb.eg/article_237651.html
Detail API
https://jsezu.journals.ekb.eg/service?article_code=237651
Publication Title
مجلة دراسات وبحوث التربية النوعية
Publication Link
https://jsezu.journals.ekb.eg/
MainTitle
-