تهدف هذه الدراسة لإثبات ان الفنان له القدرة على الإبداع والإبتكار والتميز رغم القيود والحدود التى قد ُتفرض عليه وذلك
من خلال تناول دراسة للتصوير الجدارى على واجهات معابد الدولة الحديثة والعصر البطلمى والتى تتناول موضوع موحد وهو
تبجيل وتعظيم الملك من خلال تصويره قابضًا على الأسرى والأعداء بيد واحدة بينما اليد الأخرى تهم بقمعهم بقوة.
تميز الفن المصرى القديم بخدمة الدين وتعظيم الملك والذى من شأنه تعظيم الأمة بأكملها ومن خلال هذا الإطار نجد أن أغلب
المواضيع المصورة بالمقابر والمعابد قد تم تحديد موضوعاتها سلفًا ولم تترك للفنان حرية إختيار الموضوع، فلكل مكان
مواضيعه الخاصة والتى تنوعت من تصوير الحياة اليومية من أعمال الزراعة والصناعة مرورا بالمواضيع الدينية المتعلقة بتقديم
القرابين والإبتهالات والكتب الدينية التى تصور العالم الآخر ...الخ، كما أن هناك تقاليد للرسم والتصوير لدى المصرى القديم فلم
يكن ليرسم وضعًا أماميًا للملك أو تصويره من الخلف ولكن نجد الفنان قام بإبتكار أوضاع تتسم بالحرية اقتصرت على تصوير
الأفراد فقط، وبالتالى فإن المواضيع المتعلقة بتصوير الملك لها ضوابط وقواعد لابد أن تحترم كذلك ُف ِ رض على الفنان فى
تصويره لواجهة –صرح- المعبد بالدولة الحديثة وحتى العصر البطلمى تصوير موضوع إنتصار وتغلب الملك على الإعداء
والذى إتخذ وضع ثابت منذ عصور ماقبل الأسرات والذى يتجلى فى تصوير الملك "نعرمر" قابضًا على أحد الأسرى بيده اليسرى
ورافعًا ذراعه الأيمن فى لحظة خالدة يهم بضرب هذا الأسير على رأسه، وبالتالى فنجد الفنان مقيدًا بموضوع محدد ووضع محدد
للملك والأعداء والإنطباع المطلوب فلابد أن يظهر قوة الملك فى مقابل ضعف واستسلام الأعداء، فهل يخضع الفنان ويكرر
التصميم ذاته على كل واجهة ؟ أم يتميز عمن سبقوه ويبتكر ويبدع فى تصميمه؟ وهذا ما ستقوم هذه الدراسة ببحثه للتوصل الى
طرق تغلب الفنان على هذه القيود عن طريق تحليل كل مشهد على حدة ودراسة عناصر التجديد التى قام بها الفنان ليختلف عمن
سبقه وما خلفه ذلك من إنطباع وتأثير لدى المشاهد لهذه الواجهات فى ضوء ابراز اهمية المعبد ورمزيته لدى المصرى القديم.