مقدمـــة:
الطفولة هي الأرض الخصبة التي تغرس فيها القيم والمبادئ والأخلاق والاتجاهات والخبرات والأفكار، والطفل هو ذلك الكيان البشري الغض في كافة نواحيه الجسمية والعقلية والوجدانية، فهو شديد التأثر بالعوامل المحيطة به، وسهل تشكيله حسبما يرى التربويون لصالح كيانه ومجتمعه، لذا برزت أهمية تلك المرحلة فاهتمت بها كل المجتمعات الشرقية والغربية على حد سواء، حيث لم تدخر وسعًا في الاهتمام بإنشاء المؤسسات، وإعداد المعلمين والمعلمات، وبناء المناهج، وتصميم الأنشطة المناسبة لهذه المرحلة.
وانطلاقًا من الاهتمام بالطفولة، ولمواكبة الاتجاهات التربوية المعاصرة، عمدت وزارة التربية والتعليم في جمهورية مصر العربية إلى إصدار قرار ينظم العمل في رياض الأطفال (قرار وزاري رقم 154 لسنة 1988 بشأن تنظيم رياض الأطفال في المدارس الرسمية)، وينص هذا القرار على أهداف عدة لرياض الأطفال ولعل من أهمها المادة (5) وجاء من بين بنودها:
إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات لكل من اللغة العربية والرياضيات والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية. (بدران، 2003، 98) (*)
ومن هذا المنطلق يتم تقديم المفاهيم المختلفة في رياض الأطفال، وهذا يأتي مؤكدًا لفكرة "بياجيه" حيث يرى النمو العقلي لطفل مرحلة ما قبل المدرسة يقابل المرحلة الثانيـة من مراحل النمـو العقلـي عند "بياجيـه" وهـي مرحلة ما قبل العمليات (Pre-operational stage) وتبدأ هذه المرحلة من نهاية السنة الثانية حتى السابعة تقريبًا، وتتميز هذه المرحلة بتحول نوعية التفكير من الخبرة الحسية المباشرة إلى قدرة الذاكرة على الاحتفاظ بالصورة العقلية والقدرة على استنباط القواعد الأولية. (سلامة، 2004، 15 – 17)
مما سبق يتضح أن مرحلة الطفولة من أهم المراحل التي تتكون فيها المفاهيم الأولية لدى الطفل، حيث تُعد هذه المفاهيم اللبنات الأولى في تحديد ملامح شخصيته واتجاهاته وميوله وتفكيره، فالمفاهيم التي يكتسبها الطفل حول موضوع معين في مراحل دراسته الأولى ترتبط بمفاهيم أخرى أكثر عمقًا في دراسته اللاحقة؛ حيث يعتمد المفهوم الجديد المكتسب على المفاهيم السابقة لديه.
لذا فلابد من إكسابه هذه المفاهيم بصورة صحيحة، ولكن لوحظ وجود فهمًا خاطئًا لبعض المفاهيم لدى أطفال هذه المرحلة، وقد يرجع ذلك إلى محدودية التفكير لدى أطفال الروضة، وكذلك عدم كفاية المفاهيم لديهم، لذلك يجب الكشف المبكر عن هذا الفهم الخاطئ والعمل على تصويبه أولاً بأول.
ويؤكد "Baddeley" أن الفهم الخاطئ يظل لدى المتعلم فترة طويلة، إذا لم يتم التدخل لتعديله، وتصبح سرعة تعلمه لموضوعات دراسية معينة أسرع إذا تم تصويبه لديه. (محمد، 2001، 164)
كما يضيف محمود (2005، 50) أنه لا يجب الوقوف عند مرحلة تشخيص الأخطاء بل يجب الانتقال إلى مرحلة تصويب هذه الأخطاء.
وهذا ما حاولت الدراسة الحالية تحقيقه حيث سعت لتصويب الفهم الخاطئ لبعض مفاهيم الرياضيات لدى طفل الروضة باستخدام الكمبيوتر.
(*) تم التوثيق باستخدام APA manual (اسم العائلة، سنة النشر، رقم الصفحة).