تمثل الصورة الفنية بمفهومها العام علم البيان، فهي أداته ومرآته العاكسة لأساليبه الثلاثة (التشبيه، والاستعارة، والكناية) فضلا عما أضافه الأدباء من صور قد تنشأ من أصل واقعي بعيد عن الخيال مما أنتج تفرعا في الصور الفنية، فتكونت الصورة البلاغية، والصورة الذهنية،والصورة الحسية...؛ لذا تعد الصورة الحسّية من الصور الجزئية الفردية في النص، وتحدد من كل تعبير يثير إحساس المتلقي، فنجدها بذكر كل ما يُرى، أو يُسمع، أو يُشم، أو يُلمس، أو يُتذوق.
ويعمد الشاعر إلى توظيف الصورة في شعره ليستغل الجمال الذي تضفيه على عمله، وانجذاب القارئ لهذا الجمال الذي يثير مشاعره وأحاسيسه،ويحرك خياله، ويترك أثراً بالغاً في نفسه، ويستغل ذلك كله لنقل أفكاره ورؤيته،وما يريد إيصاله إلى متلقيه، معتمداً في ذلك على ثقافته، وملكة الخيال التي يتمتع بها، وعمق تجاربه في الحياة.
ويهدف هذا البحث إلى بيان الحواسّ المختلفة في تشكيل صور الشاعر، والدور الذي تقوم به في توضيح معانيه وأفكاره وعواطفه، وكيف أدت إلى إثارة الانفعال والهزة في المتلقي؟ وذلك لأنها تحقق مع العناصر الأخرى جمال التجربة الشعرية،معتمدا في هذا البحث المنهج الإحصائي؛ إذ سيبين الباحث النسب المئوية لكل حاسة،وتحليل هذه النسب معتمدا على نصوص الشاعر،وبيان دورها في ما سبق ذكره. وفي هذا البحث ستتم دراسة الصورة الحسّية عند الشاعر العباسي علي بن جبلة (العَكَوَّك)، ليخلص البحث بعد ذلك إلى تحديد ملامح الصورة الفنية الحسّية عند الشاعر، وبيان ما وظفه من أساليبها، وما أضافه إليها بأسلوبه وشاعريته.