إذا کانت البلاغة - في أساسها - تهدف إلى استمالة المتلقي، والتأثير فيه بواسطة الصور البيانية وغيرها من الأساليب البلاغية؛ فإنها بذلک تعد أحد أهم الآليات الحجاجية، ويکون الحجاج البلاغي من أهم ما يتکئ عليه الشاعر في تقديم حجته، وبذلک تجمع الآليات البلاغية بين الإمتاع والإقناع .
ويعد التشبيه مِن الأدوات البلاغية ذات التأثير الإقناعي؛ لذلک يسعى الشاعر إلى بناء تشبيهاته بطريقة تعتمد على إثارة المتلقي للبلوغ به درجة الإقناع، وقد أفاض العلماء والباحثون – قديمًا وحديثًا – في بيان حد التشبيه، وأقسامه وأرکانه.
وقد اعتمد الشاعر الجاهلي على التشبيه اعتمادًا کبيرًا؛ فقد کان وسيلته الأولى في استمالة المتلقي نحو فکرته المطروحة، وهذه القضية أثارت انتباه القدماء والمحدثين.
وقد أشار المحدثون في أثناء تناولهم مبحث التشبيه في دراساتهم إلى أهميته من الناحية البلاغية، وقوته من حيث التأثير في المتلقي، ومن ثم أثره في الإقناع؛ لکونه آلية يرتکز عليها الشاعر في بناء شعره، وقد کان أکثر حديثهم عن الصورة الفنية بوجه عام، وقيمتها الحجاجية.