نحاول في هذه الورقة بلورة اتجاهات معينة في فلسفة الموسيقى عند العرب من خلال أربعة نماذج هامة هي: الكندي، وإخوان الصفا، والفارابي، وابن سينا. وتهدف الورقة إلى طرح فروض، يمكن لها أن تُفسِّر ظواهر الموسيقى العربية المميزة لها عن الموسيقى الغربية من خلال فلسفة الموسيقى. وذلك في مقابل الاستبعاد السهل لهذه الظواهر باعتبارها من مظاهر التخلُّف. ويستعمل الباحث منهجية المقارنة، والتتبع التاريخي، والظاهرات. ويخلص في النهاية إلى اتجاهين أساسيين في فلسفة الموسيقى العربية، هما: الاتجاه الميتافيزيقي، والاتجاه اللغوي - الرياضي. يقوم الاتجاه الميتافيزيقي على فرضية أن الموسيقى تعبِّر عن جانب من اللا متناهي، أو تطابُق الظاهر والباطن، بينما يعتمد التيار اللغوي-الرياضي على مبدأ أن الموسيقى في الأصل إسقاط ديناميكي لنظام دلالي، أو رياضي، استاتيكي. ومن خلال اكتشاف أصول كل تيار يحاول الباحث في الختام تفسير أهم خصائص الموسيقى العربية، وأسباب اختلافها عن نظيرتها الغربية، مثل أحادية الصوت، وأهمية الإيقاع، والارتباط بالشعر، واستبعاد صيغ موسيقى الآلات. وبالتالي يمكن فهم خصائص الموسيقى العربية بناءً على مبادئ ميتافيزيقية معينة، تحكمت في الأشكال، والمقامات، والإيقاع.