مع التوجه البيئي الصارم الذي بدأ مع مؤتمر المناخ عام 1979م لتقليل الإنبعاثات الکربونية, وظهور الإتجاهات المعمارية البيئية الحديثة وعلى رأسهم العمارة الخضراء والمستدامة, وظهور المجالس الإقليمية التي تعمل على إنشاء أليات لتقييم المنشأت البيئية مثل الـ LEED في الولايات المتحدة والـ GPRS في مصر ومثيلهما في باقي دول العالم, وظهور المنهجيات المختلفة لتقييم دورة حياة مواد الإنشاء LCA, والجهود التي تبذل من الإتحاد الأوروبي للوصول إلى معايير PCRs لقياس وتقييم وإعتماد کافة المنتجات التي تستخدم في المجال المعماري بنظام EPD, نجد عزوف العملاء والمصممين والعاملين في مجال التشييد والبناء عن تطبيقات العمارة البيئية والمستدامة بسبب زيادة التکلفة الأولية لهذه التطبيقات, ويرجع السبب من وجهة نظر الباحث إلى إنفصال الفکرالإقتصادي عن الفکر البيئي في تناول هذه المشکلة وعدم إيجاد حلول بيئية تحترم البعد الإقتصادي والعکس.
لذلک يهدف البحث إلى خلق توازن بين الفکر الإقتصادي والفکر البيئي في تناول هذه القضية, وتنمية الوعي المعماري الذي لا زال يفتقر إلى فهم العلاقة بين الإقتصاد والبيئة وضبط هذه العلاقة, عن طريق التعرف على کيفية تناول کل من الإقتصاديين والبيئيين لمشکلة زيادة الأعباء الإقتصادية والبيئية للمبنى کل على حدة لمعرفة کيفية الدمج بين تناول کل منهما بالشکل الذي يحسن من کفاءة إستهلاک الطاقة للخروج بمجموعة من النتائج والتوصيات التي تخدم هذه القضية.
والطاقة بشکل عام هي أحد الموارد البيئية المهددة سواء أکانت من مصادر متجددة أو من مصادر غير متجددة, فهي مهددة بالنفاذ في حالة المصادر الغير متجددة أو بفقدان أليات إستغلال المصادر المتجددة بشکل مجدي إقتصاديا مما يزيد من الأعباء الإقتصادية للمباني, ومهددة للبيئة لما تصدرة من ملوثات ومخلفات وأثار جانبية تمتد لمئات السنين في إنتاجها وإستهلاکها مما يؤثر بالسلب على حياة الإنسان والکائنات.