نظرًا للتطور الهائل للتبادل التجاري، فإن أشکال تدخل البلد في إدارة علاقاتها التجارية الدولية قد تنوعت بتبنيها سياسات مختلفة من أجل تحقيق أهدافها التنموية، إما بتقييدها أو بإقرار نوع من الحرية تجاه تدفق السلع والخدمات عبر حدودها تبعًا للظروف الاقتصادية التي يعيشها کل بلد، وطبقًا لقدرتها التنافسية في الأسواق الدولية وتوازن میزانمدفوعاتها. إلا أن دائرة الاهتمام شهدت منذ النصف الثاني من الثمانينات تغيرًا في الطبيعة والمدى، حيث بدأ الاهتمام بقضايا التلوث البيئي والمؤشرات البيئية الدولية يکاد يطغى على الاهتمام بالبيئة المحلية، وبالتالي غدا الترکيز يدور حول ظواهر جديدة مثل الاحتباس الحراري التنوع البيولوجي، تآکل طبقة الأوزون ....الخ.
وفي إطار العلاقة بين التجارة الخارجية والبيئة حظيت البلدان النامية باهتمام خاص، إذ تطالبها البلدان المتقدمة بتبني سياسات بيئية ملائمة ورغبة منها أيضًا في إشراک البلدان النامية في تحمل جزء من نفقة حماية البيئة الدولية على حساب تحقيق تنمية مستدامة بها، هذا من ناحية، ونجد من ناحية أخرى تشدد مجموعة البلدان الصناعية المتقدمة في منع نفاذ صادرات البلدان النامية لأسواقها عن طريق استخدامها لأساليب حمائية خفية تحت مسمى الاشتراطات أو المعايير الصحية والبيئية وغيرها، وتعد هذه الأخيرة بمثابة السياسات البيئية الدولية التي تجعل البلدان النامية مکبلة بقيود المعايير الخاصة بالجودة البيئية على صادرتها في السلع الملوثة بيئيًّا، الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف قدرها التنافسية في الأسواق العالمية .