تعتبر قضية حقوق الإنسان من أهم القضايا التى تحظى باهتمام کبير من کافة دول العالم - بمختلف أيدولوجياتها وأنظمتها الحاکمة -، والمنظمات الدولية الحکومية وغير الحکومية، ويُرجع العالم الغربى – دائمًا - نشأة حقوق الإنسان إلى مواثيق صادرة من عهد قريب نسبيًا، ويدَّعى أن الفضل له على البشرية فى المناداة بتلک الحقوق ووضع الضمانات لحمايتها ، بداية من إعلانات الحقوق عام 1215م بإنجلترا والتى تُسمى "الوثيقة العظمى – المجناکارتا"، مرورًا بوثيقة الحقوق عام 1688م، ثم إعلان الاستقلال الأمريکي عام 1776م، ثم الثورة الفرنسية عام 1789م وإعلان حقوق الإنسان والمواطن بفرنسا، إلى أن صدر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948م، وتبعه صدور العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1966م، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966م.
وقد تناسى هؤلاء أن مسألة حقوق الإنسان قديمة قدم هذا العالم الذى نعيشه ، فنجدهم يغفلون - عن قصد - الإشارة إلى مواثيق أخرى فى التراث الحضارى لمجتمعات سبقتهم فى الوصول إلى إقرار تلک الحقوق، ومن أهم وأقدم تلک المواثيق فى الإسلام وثيقة المدينة المنورة ، وخطبة حجة الوداع التى ألقاها الرسول – صلى الله عليه وسلم – على المسلمين فى حجته الأولى والأخيرة بعدما هاجر واستقر فى المدينة المنورة ، وهى الوثيقة التى کانت محلًّا لکثير من الدراسات، والتى اعتبرها بعض المتخصصين الوثيقة الأولى فى العالم التى اشتملت على الحقوق الأساسية للإنسان.