يعد القانون الدولي الإنساني فرع من فروع القانون الدولي العام، ويتکون من المعاهدات والقواعد العرفية الدولية التي تهدف علي وجه التحديد إلي حل القضايا الإنسانية الناشئة مباشرة من النزاع المسلح سواء کان ذا طابع دولي أو غير دولي وبهذا تتسم اتفاقيات القانون الدولي الإنساني بطبيعة متميزة تتجلي برفضها الطابع التبادلي الثنائي وبالتالي عدم إمکانية التنازل عن الحقوق التي تتضمنها هذه الاتفاقيات مهما کانت الظروف. هذا وقد ساهمت محکمة العدل الدولية من خلال الأحکام والآراء الاستشارية الصادرة عنها في إبراز خصائص القانون الدولي الإنساني والتأکيد علي ضرورة احترام قواعده التي لا يجوز مخالفتها. لذا جاءت هذه الدراسة لتناقش المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني وتبرز طابعه المتميز، وتوضح اختصاصات محکمة العدل الدولية ودورها في ترسيخ وتطوير قواعد هذا القانون وضمان الالتزام بقواعده.
هذا وقد استهدفت هذه الدراسة الاجابة علي تساؤل رئيسي وهام يوضح إلي أي مدي ساهمت محکمة العدل الدولية في ترسيخ مبادئ ذلک القانون وضمان الالتزام بأحکامه وقواعده. کما تنبع أهمية هذه الدراسة من حاجة المجتمع الدولي إلي احترام مبادئ القانون الدولي الإنساني والإلتزام باحکامه لما يتضمنه من قواعد تسعي إلي حماية الأشخاص الذين لا يشارکون أو کفوا عن المشارکة في الأعمال العدائية وتقييد وسائل وأساليب القتال. فقد أثبتت هذه الدراسة إلي أن محکمة العدل الدولية قد لعبت دورا متميزا في ترسيخ وتطوير قواعد القانون الدولي الإنساني، فجميع أحکامها ملزمة لکنها تفتقد إلي الوسائل التي تمکنها من تنفيذ هذه الأحکام حيث يعد مجلس الأمن الجهة التنفيذية للمحکمة ولکن المشکلة تبرز عندما يکون أحد طرفي النزاع عضوا دائما في مجلس الأمن وله الحق في الاعتراض علي قراراته.