حرصت کافة المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية والإقليمية على إيراد نصوصاً تکفل حقوق الإنسان وکرامته، وتتنوع حقوق الإنسان بتنوع موضوعها، فهناک الحقوق الشخصية والحقوق السياسية والحقوق الاجتماعية وغيرها من الحقوق التي أولاها النص الدولي والإقليمي برعايته، إلا ان هناک توجه ظاهر نحو حفظ حقوق السجناء باعتبارهم فئة منسية من فئات المجتمع ( )، ولاشک أن فئة السجناء هم أولى الأشخاص احتياجاً لحقوق الإنسان فقد کان قديماً ينظر إلى السجن والسجين باعتباره خطراً على المجتمع، وأن العقوبة ما هي إلا وسيلة للإيلام والتعذيب؛ وکان هدف السجون عند ظهورها ونشأتها في القرن السادس عشر إيواء المتشردين والمتسولين، وکانت هذه الفئة تلتزم، مما دعا البعض إلى تسميتها بسجون العمل أو بمنازل عمل أمستردام، وقد عرف هذا النوع من السجون في کل من هولندا وانجلترا، واعتبرتها وسيلة لإجبار هؤلاء الأشخاص على العمل( ).
إلا أنه بظهور أفکار السياسة العقابية الحديثة وما حملته بين طياتها من رياح التطور، التي تمخض عنها التغيير الجذري في النظر لحقوق السجناء والمعتقلين، واعتبار السجن أحد أساليب المعاملة العقابية التي تهدف إلى التهذيب والإصلاح والتقويم، بالإضافة إلى حماية حقوقهم ومعاملتهم معاملة إنسانية تيسر لهم عقب الإفراج النهائي سلوک سبيل طريق العيش الشريف واندماجهم في نسيج المجتمع( ).
ونظمت المواثيق الدولية حقوق وواجبات السجناء في العديد من المواضع والنصوص، والأمثلة الظاهرة على هذه المواثيق ما صدر عن منظمة الأمم المتحدة من إعلانات واتفاقيات وعهود لحماية وتطوير حقوق الإنسان، بداية من ميثاق الأمم المتحدة ، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ثم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيرها من المواثيق والاتفاقيات، والتي جاءت لتشمل حماية حقوق السجناء،