يشکل الدستور قمة البناء التشريعي داخل الدولة, ويستلهم القانون قواعده من المبادئ والأحکام الواردة بالدستور, ويرسي الدستور والقانون معاً مجموعة من المبادئ العامة التي تحفظ للدولة استقرارها, وتحافظ على حقوق وحريات الأفراد في ذات الوقت, ويتطلب تحقيق الاستقرار والتوازن المحافظة على المساحة الدقيقة بين فاعلية المواجهة وضمان الحماية للحقوق والحريات المختلفة( ).
وخشية تحکم السلطات العامة وتجاوزها للقدر الضروري للدفاع عن المجتمع, يتعين توفير الضمان الکافي للفرد لحماية حريته من خطر التحکم وتجاوز حدود السلطة المسموح بها بحسب القواعد الدستورية والقانونية, وهذا ما يتکفل به النظام القانوني من خلال علاقة التناسب التي يحدثها داخل القاعدة القانونية ذاتها أو بين مختلف القواعد القانونية في النظام القانوني( ).
ويتوقف تحقق التناسب المقصود على ما يتمتع به الفرد من حرية, ففي نظر الفکر التسلطي – الذي يعطي للدولة جميع الحقوق والسلطات ويتجاهل قيمة الفرد في المجتمع- لا يکون هناک مجالا للحديث عن حقوق الإنسان أو حرياته الفردية؛ بخلاف الفکر الحر الذي يعترف للفرد بمکانته داخل المجتمع, ويوجب تحقيق الاحترام له ولحقوقه وحرياته.
وواقع الأمر, أن الدولة القانونية بحکم وظيفتها عليها أن تضمن الحماية الکاملة للمصالح القانونية, وهي ليست قاصرة على حقوق الدولة وحدها وإنما تشتمل کذلک على حقوق الأفراد ومصالحهم الأساسية( ).