إزاء النداءات المتکررة التي حثت مختلف الدول على إقرار بدائل للدعوى الجنائية لمواجهة بعض الجرائم البسيطة, ومنها ما صدر من توصيات عن المجلس الأوربي لحقوق الإنسان, وبالأخص التوصية الصادرة عام 1987 بشأن أهمية تنظيم وساطة بين الجاني والمجني عليه وإعداد برامج لمساعدة المجني عليه مع تقديم الوساطة, وکذلک التوصية الصادرة سنة 1989 بشأن العمل على تطوير الإجراءات غير القضائية والوساطة( ), ثم التوصية الصادرة 15 سبتمبر 1999 والتي تقضي بأن تلجأ الدول الأعضاء أکثر فأکثر إلى الوساطة في المواد الجنائية باعتبار أن هذا الخيار يتسم بالمرونة ويعد أحد البدائل الهامة للإجراءات الجنائية التقليدية, وضرورة أن يُسمح بالمساهمة الفعالة في الإجراءات الجنائية لکل من الجاني والمجني عليه( ).
أهمية موضوع البحث
نتيجة النداءات المستمرة والتوصيات المتکررة بضرورة الاتجاه نحو الأخذ ببدائل الدعوى الجنائية والالتفات عن العقوبات التقليدية اتجهت معظم الدول الأوروبية إلى الأخذ بنظام الوساطة الجنائية( ) مثال انجلترا والنمسا وکذلک ألمانيا التي طبقته منذ سنة 1990, کما أقرته اسبانيا في سنة 1992( ) علاوة على فرنسا والتي أخذت به بشکل واضح والعديد من الدول الغربية والعربية, لذا ظهرت لنا أهمية موضوع البحث.