شهد مطلع الربع الأخير من القرن العشرين بصفة عامة, وعقد التسعينات بصفة خاصة بداية مرحلة جديدة في تطور النظام الرأسمالي( ), مرحلة تتميز بما يمکن أن يسمى "تدويل الإنتاج"
إذ أصبحت العملية الإنتاجية داخل المشروع الرأسمالي أو الشرکة الدولية لا تتم على المستوى القومي کما کان يحدث في الماضي وإنما على المستوى العالمي, وکان السبب في ذلک هو ظهور ما يسمى بالشرکات دولية النشاط, بحيث تتوزع المراحل المختلفة للعملية الإنتاجية داخل الشرکة دولية النشاط الواحدة على بعض البلدان في العالم مع استمرار خضوعها لسيطرة مرکزية موحدة, وهذا الذى يميز القوميات الإقليمية من الوجهة الاقتصادية هو تعدد الوحدات الإنتاجية أو التابعة وتخضع کلها لسيطرة شرکة واحدة وهى الشرکة الأم( ).
بدأ هذا الاتجاه نحو العالمية على يد الشرکات الأمريکية الکبرى التي برزت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بشکل خاص في الخمسينات, واعتمدت على زيادة استثماراتها المباشرة خارج الولايات المتحدة الأمريکية( ), وسرعان ما حذت الشرکات الأوروبية حذو الشرکات الأمريکية بعد أن استرد اقتصاد دول اوروبا الغربية أنفاسه بعد الحرب, وأعادت بناء قوتها الاقتصادية, وبدأت تنتقل من الإقليمية إلى العالمية, بإنشاء شرکات صناعية تابعة لها في أمريکا, ولا ينبغي أن نغفل في هذا المقام التجربة اليابانية باعتبارها تجربة رائدة بالنسبة للعديد من البلدان, فعلى الرغم من تأخرها في المنافسة الدولية نظراً لأسباب اقتصادية وسياسية, إلا أنها استطاعت وبمرور الزمن أن تتفوق على غيرها من البلدان وتغزو بمنتجاتها أسواق العالم دون استثناء, لما تتسم بها صناعاتها من دقة وبراعة وتکنولوجيا متطورة( ).