تأثرت العملية التعليمية في وقتنا الحاضر بتحديات مجتمع المعلومات والتقدم الکبير في التکنولوجيا الرقمية وإنتشار بيئات التعلم الإلکترونية، کل هذه العوامل أثرت في عمليتي التعليم والتعلم في جميع مراحلها، وتعتبر مرحلة التعليم العالي بشکل عام وتحديدًا التعليم الجامعي مرحلة لها هوية خاصة وخصائص ومواصفات تفتقدها المراحل الأخرى، فهى من أکثر مراحل التعليم أهمية للفرد والمجتمع فقد بات التعليم الجامعي ضرورة هامة في المنظومة التربوية للمجتمعات لتحقيق أهدافها وغاياتها الکبرى، إلا أن هذه المرحلة أصبحت تعاني من مشکلات في منظومتها التعليمية، وذلک لإعتمادها على أساليب التدريس التقليدية الذي يرکز فيه الطالب اهتمامة على شحن عقله بالمعلومات دون فهمها ثم تفريغها في ورقة الأمتحان من أجل الحصول على أعلى تقدير، ويکون محصلة ذلک خريج غير قادر على التواصل مع العالم الخارجي وما قد يواجهه فيه من مشکلات، وإنطلاقًا من هذا جاءت حاجة ماسة إلى توظيف إستراتيجيات وأساليب متطورة في التدريس تأخذ بيد الطالب نحو الإبداع والتميز.
وتعد الرحلات المعرفية من أهم الأساليب والأدوات التکنولوجية التي انتشرت في کثير من المؤسسات التعليمية حول العالم بإعتبارها طريقة حديثة للتعليم من خلال البحث عبر شبکة الإنترنت، فهى تجمع بين التخطيط التربوي والتعليمي المحکم من ناحية، وبين استخدام الحاسوب والإنترنت من ناحية أخرى، وقد جاءت فکرة الرحلات المعرفية على يد مجموعة من الباحثين بقسم تکنولوجيا التعليم في جامعة سان ديجو بولاية کاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريکية برئاسة بيرني دودج Berne Dodge و توم مارش Tom March، وأخذت هذه الفکرة تنتشر بأوربا والولايات المتحدة الأمريکية، حييث تتبلور فکرتها في بناء فعالية موجهة تبحث في موضوع ما أو قضية معينة،