وبالرغم من أن هذا التقدم الصيني المذهل لم يتحقق بفعل القادة وحدهم من أمثال "دنج شياو بنج" أو ممن سبقوه أو خلفوه، بل کانت هناک عوامل أخرى ساهمت وبشکل حاسم في تحقيق المستويات المتقدمة من التنمية الصينية من أبرزها: الثقافة الکونفوشيوسية التي تحث على التفاني في العمل، والمؤسسات الصينية المميزة التي نجحت في صياغة سياسات وإستراتيجيات واضحة أُعتبرت بمثابة منهاج يسير عليه کافة المسئولون، والتوظيف الأمثل للموارد البشرية، والمکانة الدولية التي تحتلها الصين، واحترام الدولة لأصحاب الخبرات والکفاءات، بالرغم من کل ذلک إلا أن هذه الدراسة ترکز على تأثير أحد هذه العوامل المنفردة في تحقيق التنمية الشاملة وهو العامل القيادي.

فقد استطاع قيادة "دينج شياوبنج" أن يقود الصين الحديثة وذلک من خلال إطلاق برامج تحديثية بدءاً من عام 1978 والتي عرفت باسم التحديثات الأربعة في "الزراعة، والصناعة، والجيش، والعلوم" وتمکن من خلالها من تحقيق قفزة کمية ونوعية بالدولة الصينية لتصبح واحدة من أقوى بلدان العالم وأن تتصدر قائمة بلدان العالم الاقتصادي.

وستکتفي الدراسة بالترکيز على دور القيادة في تحقيق التنمية الاقتصادية فقط لذا ستسعى للتعرف على الدور الجوهري الذي لعبته القيادة السياسية الصينية ممثلة في الزعيم "دينج شياوبنج" في إرساء الأسس التنموية بالبلاد، والوقوف على حجم هذا الدور ومداه. وعليه فسوف تنقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة أقسام رئيسية يتناول الأوضاع الاقتصادية في عهد دينج شياوبنج في المجالات التجارية والزراعية والصناعية ثم تأتي خاتمة هذا الفصل لتوضح أبرز ماتوصلت إليه من نتائج.