استطاع الآشوريين تکوين امبراطورية قوية شملت معظم أجزاء الشرق الأدنى القديم، وقد کان العرب من بين تلک الأمم التى خضعت للسيادة الآشورية، وربطتهم بهم علاقات حربية وأخرى ودية، فکانت علاقاتهم متفاوته ما بين الحرب تارة والسلم تارة أخرى، يحدد ذلک طبيعة العلاقة ما بين الحکام وطبيعة العلاقات السياسية المتشابکة والمصالح المشترکة أو المصالح المتضررة، وقد کان على رأس حکام العرب ملکات شمال الجزيرة العربية اللاتى کان لهن الحظ الأوفر من الذکر فى نصوص الملوک الاشوريين بدأ من عهد الملک تجلات بلاسر الثالث (745- 727ق.م)، ليتوقف ذکرهن فى عهد الملک الآشورى آشوربنيبال (668-627 ق.م).
غير أن ذکرهن ارتبط بمجموعة تساؤلات کما طرح مجموعه أخرى من الحقائق التاريخية التى سوف يناقشها هذا البحث وهى کالتالى:
أولاً: ارتباط ذکر العرب فى المصادر الآشورية وفى أغلب مصادر الأمم القديمة بمنطقة شمال الجزيرة العربية دون سواها.
ثانياً : اقتران الهوية العربية والشعب العربى بالملکات اللاتى حکمن فى شمال الجزيرة العربية دون غيرهن من ملکات.
ثالثاً : ازدهار الحکم النسائى ممثل فى ملکات العرب بمنطقة شمال الجزيرة العربية دون سواها، وما صاحب ذلک من تساؤلات فلما ازدهر الحکم النسائى فى  عصر الإمبراطورية الآشوريه الثانية دون سواها، ولما فى منطقة شمال الجزيرة العربية دون غيرها من مناطق الجزيرة العربية ؟
رابعاً: قصر ذکر هؤلاء الملکات على الحوليات الآشورية حيث لم يرد أى اشارات لهن فى مصادر شبه الجزيرة العربية، فهل ذلک نابع من عدم ظهور أدلة أثرية فى منطقة شبه الجزيرة دل ذلک، ام يمکن إرجاع ذلک إلى تعليل آخر؟
خامساً:- اقترن ذکر ملکات العرب فى الحوليات الآشورية بالملوک الآشوريين وعلاقتهم بهم، وهذا طرح مجموعة من التساؤلات حول السياسة التى اتبعها هؤلاء الملوک تجاه هؤلاء الملکات والأسباب التى دفعتهم للإحتکاک بهم ، ومن ناحية أخرى أوضح ذکرهم الوسائل الدفاعية التى اتبعتها ملکات شمال شبه الجزيرة العربية لمنع التوسع الآشورى .