لقد قدّم رائد الاقتصاد الوطني بعصره طلعت حرب مدفوعًا بروحه الوطنية ووعيه الاقتصادي بأهمية إنشاء شرکة وطنية للتأمينات، وذلک لعدة جوانب: فمن جانب مواجهة التحکم الأجنبي لهذا النّشاط ومدى صورية الشرکات ذات الشّکل المصري ولکنها مفرغة المضمون، ومن جانب آخر للاستفادة من هذا النّشاط لتأمين شرکات بنک مصر والمساهمة بالتّأمين على الشّرکات والأفراد المصريين، لذا فقد نتج عن سعيه تأسيس أول شرکة وطنية للتأمين باسم شرکة مصر لعموم التأمينات عام 1934م، والتي تم تعديل اسمها عام 1942 إلى شرکة مصر للتأمين فتميزت بالطابع الوطني ولمدى أهميتها فقد قام طلعت حرب بإدارتها بنفسه.
فأسهمت الشّرکة إسهامًا کبيرًا وملحوظًا فشکلت دعامة أساسية في المجالات الصناعية والتجارية، فمدتهم بالوسيلة التي تدرأ عنهم وقع الکوارث التي تقع عليهم من أخطار أو تتعرض لهم.
کما عمدت إلى توظيف الاحتياطيات الکبيرة التي تراکمت عبر سنوات عمر الشرکة وتوجيهها في تمويل المشروعات الاستثمارية والصناعية العملاقة کعنصر من عناصر تکوين رأس المال القومي، فشارکت في بعث الاقتصاد القومي بعثًا جديدًا على أساس قوي ومتين منذ بداية ثورة يوليو 1952 فشارکت في تأسيس شرکات (الحديد والصلب، المساکن الشعبية، مصر للفنادق، الصناعات الکيماوية المصرية، القومية لإنتاج الأسمنت، مصر للتجارة الخارجية، ...).
وعلى مستوى آخر شارکت في التأمين على مشروع توليد الکهرباء من خزان أسوان مساهمة منها في تدعيم اقتصاد البلاد، وقد کان من أهم المشروعات التي قامت بها حکومة الثورة وحينما جد الجد شارکت في التأمين على مشروع السد العالي رغم ما کان متوقع أن يعتريه من مخاطر کبيرة.
ووظفت الشرکة أموالها في المساهمة مع الحکومة في تنفيذ مشروعاتها العمرانية المختلفة فأقرضت وزارة الخارجية للاستعانة بها على بناء السفارات في الخارج لتوفير قيمة الإيجارات الباهظة والتي تتحملها ميزانية الدولة، وأقرضت بلدية القاهرة لتستعين بها في تنفيذ مشروع البلدية لتحسين مرفق مياه القاهرة، وساهمت في القرض المقدم لشرکة مصر للفنادق للاستعانة به على إنجاز أعمال الشرکة بما يعود بالعملة الأجنبية على البلاد.