مقدمة:
بدأت العرائس قديماً مرتبطة بالعقيدة الدينية, والاجتماعية, والطقوس المختلفة, إضافة إلى دورها کلعبة, ثم بدأت بعد ذلک في تعدد أدوارها المختلفة حيث ارتبطت بأعمال السحر والشر والحسد, کما کان لها أدوار تمثل الشعبية مثل الإسقاط والسخرية وإبعاد عين الحسود والشر والسحر وجلب الخير والرزق والسعادة وأداء الأدوار الضاحکة للأطفال في الاحتفالات والأعياد.
فکان لها أن انتقلت هذه الأفکار والصيغ الشکلية للعرائس عبر التراث وتراکمه التاريخي لکي نتناول الآن لما لها من أشکال بديعة وأدوار هامة تقوم بها, وظهر منها ما هو شعبي من الشخصيات الموجودة بالقصص الشعبي والحارة المصرية "وواکب ذلک ظهور مجموعات من العرائس التي تمثل البيئات المصرية المختلفة مثل "البدو, والفلاحين, والصعايدة, والنوبيين" إضافة إلى العرائس التي تمثل الحرفيين والبائعين"([i]).
فأصبحت تلک الموضوعات هي المصادر والمداخل لتناول العرائس ذات القناع الکامل تحديداً بل وأصبحت هي الشکل الأساسي في تناولها داخل مادة الأشغال الفنية, بالکليات الفنية المختلفة والمتنوعة تبعاً لدور کل کلية, فکانت تلک الموضوعات هي المصدر الهام والخصب لإنتاج کم هائل من البحوث التي تناولت موضوع العرائس بشکل عام حتى الآن, فظل دائماً شکل العروسة هو الشکل المثالي, والمماثل للإنسان بالأسلوب الواقعي الکلاسيکي فترتدي العروسة الزي المحدد تبعاً للمواصفات التي يمليها المصدر أو المدخل سواء کان تراثي أو بيئي أو شعبي, بتلک الملامح الخاصة للوجه والتي تحددها أيضاً تلک المداخل السابقة.
فقد ظهر قديماً مجموعة من العرائس تعتبر إجمالي الحصيلة الضخمة لتلک الأنواع المختلفة من العرائس والتي تعتبر ممتدة الجذور التاريخية والحضارية المتنوعة والتي منها "عروس القمح- عروس السعف- عروس المولد – عروس الأراجوز".
وقد أسهمت معظم الحضارات القديمة – على اختلافها- في تطوير أنواع العرائس بما يتلائم والبيئة والجو الديني والأدبي لکل حضارة على حدا, فالعرائس دائماً تستوحي من الجذور التاريخية العميقة وهذا لأن العرائس والتي ما تعبر عن الحضارات الإنسانية المختلفة تکون ذات شأن کبير.
کما أن الفنان المُعبر بالعروسة عبر العصور کان هدفه هو الإنسان والحيوان, وعلى ذلک کان يجب أن تکون تلک العرائس بالکامل واقعية, ولکن نجد أن إمکانياته التشکيلية وإمکانيات الخامات وخواصها الوظيفية للعروسة آنذاک وکونها متحرکة أو ثابتة هم اللذين قادوا تعبير الفنان بأشکال عرائسه لکي تکون ذات تنويعات شکلية مختلفة, فيظهر لنا – التضخيم والمبالغة والتلخيص والرمزية, کل ذلک يعتبر من الوسائل التجريبية والتي يستخدمها الفنان الحديث لکي يخرج لنا أشکالاً جديدة تحمل سمات مغايرة للواقع.
وهذا يؤکد أن تنوع العرائس واختلافها من حيث الثبات أو الحرکة أو الدور الوظيفي, والخامة المصنوعة منها, فنجد ما استمر منها حتى وقتنا هذا, ومنها ما اختفى في طيات الزمن والحضارات, ومنها ما تجدد وظهر مرة أخرى تبعاً للحاجة إليه ولکن بصورة مغايرة عما کان من قبل, وهذا وسيتناوله الباحث في التعبير عن شکل العروسة المتحرکة ذات القناع الکامل في بحثنا هذا.
1- أسامة محمد علي (1997): تصميم برنامج تعليمي لصناعة العروسة المتحرکة استناداً إلى تجربة أوسکار شليمر للاستفادة منه في تدريس الأشغال الفنية لطلبة کلية التربية النوعية, رسالة ماجستير- کلية التربية النوعية, جامعة القاهرة, ص193.[i]