تعد مبادرة الاستقلالية الممثلة في إعطاء المدارس حرية أکبر في إدارة شئونها الفنية، والإدارية، والمالية من أکثر مشروعات التطوير المدرسي التي حظيت باهتمام المسئولين عن التعليم في العالم خلال العقدين الماضيين. ولم تحظ هذه المبادرة بالعناية التي  تستحقها في الدول العربية ، التي ظلت متمسکة بنوع من المرکزية في إدارة العملية التعليمية ، إلى أن انطلقت مبادرة التعليم في دولة قطر؛ والتي اعتمدت مبادئ أربعة ؛ وهي : الإستقلالية، والمحاسبية، والتنوع، والاختيار .وتم على إثر هذه المبادرة إنشاء المجلس الأعلى للتعليم الذي أشرف على تطبيق مبادرة المدارس المستقلة ، ولاحقاً حوِّلت جميع صلاحيات وزارة التربية إلى هذا المجلس .
وتَمثَّل أحد مبادئ الاستقلالية في مبادرة تطوير التعليم في دولة قطر في المحاسبية ، التي أخذت أشکالاً متعددة ؛ منها التقييم التربوي الشامل الذي يُجريه المجلس الأعلى للتعليم کل عام . وتسعى هذه الدراسة إلى محاولة الکشف عن العوامل التي تقف وراء تميز المدارس المستقلة في دولة قطر , مع الترکيز على المدارس المستقلة المتميزة التي أظهرت تفوقاً في تحصيل طلابها الدراسي ؛ لتعرف العناصر التي کان لها دور في نجاح هذه المدارس في أداء أدوارها.
وعليه , فقد اختيرت عينة من المدارس التي أظهرت نتائج اختبارات التقييم التربوي الشامل للعام الدراسي (2010/2011)   أن طلابها کانوا الأکثر استيفاءً للحد الأعلى من المحتوى ، ومهاراته، والقدرة على تطبيقها بکفاءة في جميع المواد الدراسية. وشملت عينة الدراسة 394 من هيئة التدريس بالمدارس المستقلة المتميزة  بدولة قطر . واستخدم الباحث المنهج الوصفي , حيث تم الاعتماد على الاستبانة ؛ کأداة لجمع البيانات.
وقد أظهرت نتائج الدراسة أن معظم أفراد العينة يوافقون على أن المبادئ الأربعة السابقة قد أسهمت - بشکل کبير- في تميز مدارسهم ؛ وهذا يدل على أن هذه العناصر التي تکرر ذکرها في کثير من الدارسات قد أثبتت جدواها، وفاعليتها في تعزيز تميز المدارس المستقلة في دولة قطر، وتفوقها. وبالنسبة لنظام المدارس ذاتية الإدارة في قطر؛ والتي تتمتع بقدر من الاستقلالية ، ظهر أن الرؤية التي تضعها کل مدرسة کان فيها قدر کبير من الوضوح ، استُخدمت - بفاعلية - في المدارس المتميزة في توجيه القرارات، وفي الترکيز على المستوى التحصيلي للطلاب . کما أن ماتتمتع به المدارس المستقلة من حرية، وسلطة في اتخاذ القرار ، قد أعطاها مساحة من الحرية استغلتها؛ لإحداث تغيير في طرق التدريس ، وکيفية توصيل المحتوى . وأن هذه المساحة من الحرية أعطت المدير المجال لاختيار أفضل العناصر من الهيئتين : التدريسية، والإدارية ، وکذلک إنهاء خدمات غير الفاعلين؛ وبالأخص غير القطريين منهم. وکشفت النتائج أن أسلوب فرق العمل ذات الصلاحيات قد مکن المدارس المستقلة المتميزة من تحقيق کثير من الإنجازات ، وأعطاها نوعاً من الاستقلالية مکنها من توجيه برامج التنمية المهنية، لکي تتوافق مع رؤية المدرسة، واحتياجات المعلمين .