القيم الأخلاقية أساس من أسس بناء الحضارات، والتربية أحد أهم عوامل بناء الفرد، ولقد اهتمت الحضارة الإسلامية بالأخلاق والقيم التربوية، وقام رجالها الأوائل بصک مفاهيم التربية ومساراتها، مستلهمين قيم ومعارف الوحي الإلهي في ترسيخ الأخلاق المؤسسة للقيم التربوية، ومن رجال الأخلاق الخُلَّص الذين يمکن رصد مسارات عديدة للتربية عندهم الفقيه الشافعي الکبير، أبو الحسن، علي بن محمد، البصري، البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)، فقد عاش فترة عصيبة في التاريخ الإسلامي، حيث احتلت أجزاء مهمة من العالم الإسلامي ودب الضياع في منظومة القيم والأخلاق في عموم الأمة، فکانت الجهود منصبة على فکرة إيقاظ الوعي من خلال التربية والتعلم والأخلاق الحاکمة لهما، وإذا کنا نعيش واقعا أليما يشکو فيه الخاص والعام من فقد جزء کبير من التربية الراشدة، فلا بد من استلهام تجارب السابقين في محاولة الإحياء الکبير ونشر حالة الوعي بين المسلمين، من هنا کانت دراسة النظرية الأخلاقية التربوية عند الماوردي من الأهمية بمکان، وهو ما سما إليه کاتب البحث بالبحث والتحرير