رکز" سعد الله ونوس" في مسرحه على عدة قضايا أو لنقل على معظم القضايا التي اهتم بها المسرح السياسي . وتعامل بحذر مع مفهوم " المسرح السياسي " مسرح التحريض والحشد داعيا الى مسرح " التسيس " الذي يوحد الخشبة بالصالة ويحقق علاقة تفاعلية ومتعة فرجة شعبية من خلال حوار شامل , متعدد, مرکب , لا يقدم الأجوبة المباشرة للمتفرج , من أجل استفزازه ودفعه لإعمال فکره فيما يجري حوله فالمسرح بمفهومه (لا معنى له إذا لم يطرح قضايا الإنسان الجوهرية) .
لذا سعى من خلال ذلک اللون المسرحي الى خلق جمهوراً يستطيع التفاعل مع الأحداث ليتحرر من دوره کمشاهد سلبي ، ليمارس عملية النقد الذهني لما يرى امامه على المسرح ، ولکي يفکر اکثر مما ينفعل ، ولهذا الغرض کان يلجأ الى اساليب مختلفة منها تفکيک المشهد ، وجعل الممثلين يخرجون من ادوارهم بتأدية اغنية او مخاطبة الجمهور ، او الاتيان بما يؤکد انهم ممثلون يحرضون المشاهدين على التفکير بما يرون لفهم الواقع الاجتماعي والتاريخي .
حاول البحث ومن خلال الخصائص السابقة الذکر وعوامل التأثير المشترط وجودها في النص فهم تأثير نص المسرح على الرأي العام من خلال معرفة الرأي العام نفسه, انطلاقا من إن المسرح لا يعکس فقط صورة المجتمع القائمة بل يقدم ما يراه حلا مناسباً .
قدم ونوس تصوره الجديد للمسرح العربي من خلال نصوصه- موضع الدراسة- متجاوزاً مفهوم المسرح السياسي الذي کان سائداً وقتئذ مؤکداً على ضرورة الترابط الفعلي بين عنصري الظاهرة المسرحية – الجمهور و المسرح – و إعطاء الأولوية لعنصر الجمهور وذلک من خلال دراسة وعيه و ذوقه و حاجاته .
وعليه حاول البحث– ما أمکن – القاء الضوء على تجليات السلطة وفعل التسيس من خلال تحليل ودراسة شواهد منتقاة من بعض مسرحيات " ونوس" في محاولة للوقوف على طبيعة تلک التجليات وخصائصها .