لعلم النفس جذور متعددة في کل من تخصصات الفلسفة والطب وعلم الحياة (البيولوجيا) وعلم الأعصاب والتشريح وعلم الصيدلة والعقاقير وعلم الفيزياء...
وقد تأثرت المصطلحات النفسية بکل التراث العلمي المُتنوع، وصاحب ازدهار عملية الترجمة إلي العربية من اللغات القديمة، کاليونانية والسريانية نهضة فکرية وعلمية، بدأت منذ أواخر القرن الأول الهجري (أوائل القرن الثامن الميلادي).
وکان المفکرون والعلماء المسلمون يعتمدون علي ما يترجم من هذه اللغات القديمة..وکان المترجمون يحاولون الترجمة إلي العربية، إلا أنهم کانوا في البداية يلجأون إلي تعريب المصطلحات العلمية، أي کتابتها بحروف عربية، کما تنطق في لغتها الأصلية مع إکسابها القالب العربي.
لکن العلماء المسلمون مثل جابر بن حيان (102-196 هـ) أي (720-815 م)، والخوارزمي؛ محمد بن موسي المتوفي سنة 232 الموافق سنة 836 م، يلجأون إلي تعريب المصطلحات في البداية، إلا أنهم بعد إتقان العلم والنبوغ فيه، يستخدمون مصطلحات عربية دقيقة- فکثير من المواد الکيماوية وأدوات المعمل الکيميائي، وأحماض وأدوات المختبر والعمليات الکيميائية، ابتکر جابر لها أسماء وتعرف حتي الآن مصطلحاته (مثل الأنبيق...).
وکذلک الحال في الرياضيات فبعد أن کان يقال "علم الأريثماطبقا والجيومطريقا"، أصبح يطلق علي کل منهما الإسم العربي الحساب والهندسة، وابتکر الخوارزمي صورة الأرقام العربية (في سنة 205 هـ) الذي نکتبه في المشرق العربي ومنظومة الأرقام العربية، والتي تحدد قيمة العدد من خلال موقعه من اليمين إلي اليسار، العدد الأول آحاد والثاني عشرات والثالث مئات... وهکذا.
کما أن ابن الهيثم، محمد بن الحسن (354-431هـ)- (965-1038 م)، الذي عاش في القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي، عالم الفيزياء والرياضيات، الذي درس تشريح جهاز الإبصار فأبدع في دراسته، وابتکر علم نفس البصر، أو علم الإدراک البصري وکتابه "المناظر"، يُمثل أعظم ابداعاته في هذا المجال، وقد ترجم إلي اللغة اللاتينية وظل يُدرَّس في جامعات أوروبا حتي القرن السابع عشر، وعند محاولة تحقيقه حديثاً لم يمکن الحصول علي الأصل العربي لهذا الکتاب کاملاً، نظراً لأنه لم يبق منه إلاَّ فصولاً وفقرات متناثرة، وبفضل مراجعة الأصل اللاتيني تم إخراج الجزء الأول من الکتاب بکل من اللغة العربية والإنجليزية في منتصف الثمانيات علي يد العالم المصري: عبد الحميد صبره.