يشکل تاريخ المماليک في مصر تراکماً للمصنفات والسجلات المليئة بالغموض والتناقض, الناجمين عن طبيعة تکوين طوائف المماليک, وطريقة تربيتهم وأسلوبهم في الحکم, وعن طبيعة تقاليدهم البدائية التي لم تکد تتهذب وتتأقلم بالبيئة المصرية المتحضرة, حتي تغذيها موجات مغولية جديدة بعقليتها البدائية, وأمزجتها وطبيعتها غير المصقولة ، وقد ترتب علي ذلک أن الموجات اللاحقة أخذت في إفساد                                    ما اکتسبته الموجات السابقة عليها من ألوان الثقافة والتحضر والتأقلم بالبيئة المصرية، ولا جدال في أن طبيعة المماليک الذين حکموا مصر زهاء قرنين ونصف من الزمان (648 – 923 هـ / 1250 – 1517م) لم تتح لهم أدراک المفهوم الصحيح للأسرة ، بل لم يکن لديهم حياة عائلية بالمعني المعروف, رغم أن غالبية أفرادها حرصوا على الزواج وعلى إنجاب الأطفال ، ذلک أن أسلوب المماليک في الحياة لم يقم على أساس وحدة الأسرة بأرکانها المعروفة وهى : الأب والأم والأولاد ، بقدر ما قام على أساس الرقيق والمماليک .           أضف إلى ذلک أن الدولة المملوکية کان يسودها النظام الإقطاعي الذي يميزه وجود طبقتين إحداهما أرستقراطية تمثل الثراء والبذخ, والأخرى وهى طبقة العوام التي کانت متردية في الفقر والعوز ، نتيجة سوء الأحوال الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية.