في الخامس والعشرين من يونيو الماضي انتقل إلي جوار ربه الأستاذ الدکتور رأفت عبد الحميد محمد عميد کلية الآداب جامعة عين شمس وأستاذ تاريخ العصور الوسطي المرموق بها. وأصيب الأهل والخلان والمريدون في کل الأروقة العلمية بما يشبه الذهول من هول الصدمة, فلقد رحل هذا العالم النبيل دون وداع فجأة, إذ کان حتى ليلة رحيله يعمل في بيته الصغير وحبه الأول والأخير – کلية الآداب – حتى الرابعة بعد الظهر, دون کلل أو ملل, رغم أننا کنا نتوسل إليه دوماً أن يرفق بنفسه ويأخذ فسحة من التقاط الأنفاس, ولکنها همة ابن النيل الأصيل الذي يضع الواجب والصالح العام فوق کل اعتبار, ويغالب الإرهاق والعرق بضمير لا يعرف الکسل أو التراخي, وکنت کلما عاتبته علي ذلک يذکرني برؤية العلامة عبد الرحمن بن خلدون بأن للبشر أعمارا کأعمار الأمم والحضارات, وإن هي طالت أو قصرت "فلکل أجل کتاب".