لم تکد تمضى العقود الأولى من القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي ، إلا وکان السلاجقة يولون وجوههم شطر المشرق الإسلامى وينساحون فى موجات متدفقة عبر أرجائه ليسطروا صفحات جديدة من تاريخه ، ويعيدوا رسم خارطة القوى السياسية فى المنطقة. ساعدهم على ذلک أن شمس الغزنويين آذنت بالمغيب ، وولت سيطرتهم على المشرق إلى غير رجعة ؛ بعد أن وهنت قواهم أمام تلک القوة الجديدة. ثم تهيأت الأمور أمام السلاجقة ليفرضوا وجودهم العملى على الساحة السياسية بعد أن هزموا الغزنويين هزيمة ساحقة فى موقعة دندانقانعام 432هـ/1040م.           ورغم أن حضور السلاجقة على مسرح الأحداث يرجع لنهايات القرن الرابع الهجرى / العاشر الميلادى ، حين اندفعوا فى موجات متدفقة صوب ولايات المشرق الإسلامى ، فإن تأثيرهم السياسى لم يظهر جلياً إلا مع توحدهم تحت زعامة طغرل بک (429 – 455هـ / 1037 – 1063م) ، الذى أعلن بعد انتصاره على الغزنويين قيام دولة السلاجقة ، ونصب من نفسه سلطاناً عليهم. ولم يکن السلاجقة فى ضوء هذا الواقع الجديد ليکتفوا بما ورثوه من أملاک الغزنويين ، لذلک سرعان ما مدوا أبصارهم صوب العراق والولايات الفارسية الأخرى التى کانت تخضع  للبويهيين . وکانت الظروف مهيأة أمام السلاجقة لفرض سيطرتهم على المنطقة ومناطحة البويهيين الذين مثلوا لهم العدو الأساسى على النطاقين السياسى والمذهبى ، خاصة وأن البويهيين کانوا يعانون عاقبة الاحتراب الداخلى ، والنزاعات الأسرية التى قوضت من قوتهم إلى حد بعيد ، وجعلت منهم فريسة سهلة المنال أمام القوة السلجوقية الفتية .