لم يفطن البيزنطيون لأهمية الغرب اللاتيني منذ سقوط روما على يد أدواکرAdoaker عام 476م إلا في عهد الإمبراطور جستنيان Justinian ( 527- 565م)، الذي حاول استعادة الشطر الغربي من الإمبراطورية الرومانية، ولکن سرعان ما زالت سيادة الشرق على الغرب بوفاته، ثم دخل البيزنطيون في صراع مع العرب خلال القرنين السابع والثامن الميلاديين، جعلهم يصرفون جل جهدهم نحو الشرق، ولم يفق البيزنطيون لما يجرى في الغرب إلا عندما قام البابا ليو الثالث Leo III( 795- 816م) بتتويج الملک الفرنجى شارلمان Charlemagne ( 768- 814م) إمبراطوراً على الغرب في ليلة عيد الميلاد عام 800م.
          ومنذ تلک اللحظة نشب النزاع بين الإمبراطورية البيزنطية (الوريثة الشرعية لعرش قسطنطين الأول Constantine I ( 306- 337م) وفقاً لحق الوراثة)، وبين الإمبراطورية الرومانية الغربية (الوريثة الشرعية لعرش الرومان وفقاً لحق التتويج)، کما روج البيزنطيون لنظرية الإمبراطور الروماني الأوحد، والذي يتمثل في الإمبراطور البيزنطي، لأن أراضيه هي أراضى الرومان، ومن حقه أن يکون إمبراطوراً للرومان في کل أنحاء العالم المسيحي، باعتباره الوريث الشرعي للإمبراطورية الرومانية القديمة، التي نقل قسطنطين الأول عاصمتها إلى القسطنطينية بدلاً من روما، إلا أن تلک النظرية تحطمت مرة أخرى ، عندما اتجه أوتو الأول Otto I( 936- 973م) ملک ألمانيا صوب روما، وتلقى التاج الإمبراطوري من البابا يوحنا الثاني عشر John XII ( 955- 964م) في الثاني من فبراير عام 962م، ولم يکتف أوتو الأول بذلک، بل اتجه إلى جنوب إيطاليا لفرض سيطرته على الثيمات البيزنطية هناک، فنشب النزاع بين الجانبين البيزنطي والألماني منذ ذلک الحين، وحتى بداية النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي.