تعاظم الجدل في الآونة الأخيرة بشأن شخصية ورقة بن نوفل، حتى غلب عليه طابع الخطاب السجالي فحاد به عن الموضوعيه . وتمحور هذا الجدل حول قضية صلة ورقة بالرسول r، حيث ادعت آراء بتواجد علاقة دينية معرفية جمعت بينهما، لعب فيها ورقة دور الأستاذ ومثّل فيها النبي محمد r دور التلميذ الذي تلقى عن أستاذه أصول عقيدة الإسلام وشريعته. وآراء أخرى نفت هذه العلاقة کلية وعدتها افتراءات لا أصل لها.        ونظرا لخطورة وأهمية ما يثار حول ورقة من قضايا ، کان لابد من دراسة تطمح في بيان الأبعاد الحقيقية لهذه الشخصية وإزالة ما يتعلق بها من شبهات. وقبل ولوج هذا الموضوع بدا من المستحسن تقرير ثلاث حقائق هامة خلصنا إليها بعد فحص المادة التاريخية المجموعة من بطون المظان والمصادر وهي:        أولا : استئثار المصادر العربية الإسلامية دون المصادر المسيحية بالمادة التاريخية المتعلقة بهذه الشخصية، فالأخيرة لا ذکر فيها مطلقا لورقة بن نوفل ، بدليل أن الدارسين المسيحيين - فضلا عن المستشرقين - الذين تعرضوا لهذه الشخصية ، کان مرجعيتهم في دراستها المصادر العربية الإسلامية وليست المسيحية .                ثانيا : الندرة الشديدة للمادة المصدرية المتعلقة بحياة ورقة قبيل الإسلام ، الأمر الذي جعل منه شخصية ملغزة مبهمة الملامح في العديد من الجوانب .         ثالثا : تمحور جُل الروايات الخاصة بورقة بن نوفل حول موضوعين رئيسين: الأول، علاقة ورقة بالنصرانية؛ والثاني يتصل بعلاقته بالرسول r إبان إرهاصات نزول الوحي عليه بغار حراء .         وبناء على هذه المعطيات جاءت معالجة قضايا وإشکالات هذه الدراسة تحت عنوان " ورقة بن نوفل بين النصرانية والإسلام "