هذه دراسة جديدة لنص قديم. أما النص، فهو کتاب التاريخ الذي وضعه المؤرخ البيزنطي جوزيف جنسيوس في القرن العاشر الميلادي بتکليف من الإمبراطور قسطنطين السابع بورفيروجينيتوس Constantine VII Porphyrogenitus ( 913 - 959 م ). وهو نص يستمد قيمته من کونه أول مصنف في تاريخ الدولة البيزنطية وضع بعد توقف في مسيرة الکتابة التاريخية البيزنطية لأکثر من مائة عام. فهو يؤرخ لفترة لم يطرقها المؤرخون إلا بعد انتهائها بأکثر من قرن من الزمان. وأما الدراسة، فجديدة بحکم موضوعها من جانب، وأسلوب تناول موضوع البحث من جانب آخر. فموضوع الدراسة، بقدر ما تبين للباحث من خلال استعراض ما کتب عن هذا المؤرخ وعن کتابه، هو موضوع جديد لم يتطرق إليه الباحثون في مجال الدراسات البيزنطية إلا قليلاً. ولعل بعض السبب في ذلک يرجع إلى ندرة المعلومات المتعلقة بالمؤرخ نفسه، وبالظروف التي ألف فيها کتابه، والأسباب التي دعت الإمبراطور قسطنطين السابع إلى تکليف مؤرخ آخر بالمهمة ذاتها هو المؤرخ المجهول صـاحب صلة ثيوفانTheophanes Continuatus، حيث توقف جنسيوس في کتابـه عند عـام 886 م، أي عند نهاية عهد الإمبراطـور باسيل الأول المقدوني Basil I (867 – 886 م)، بينما واصل صاحب التکملة التأريخ حتى عام 916 م، أي أثناء فترة وصاية الإمبراطورة زوي Zoe ( 913 – 919 م ) على قسطنطين السابع. وقد حاول الباحث أن يجمع بين دفتي هذا البحث المعلومات المتاحة عن هذا المصنف، مع ترتيبها منهجيا على نحو يسهم في التعريف بصاحب هذا الکتاب، ومؤلفه، ومنهجه في الکتابة التاريخية. ونظرا للطول النسبي للفترة التي يغطيها هذا المصنف، والتي تمتد لأکثر من خمسين عاماً تعاقب خلالها على عرش الإمبراطورية البيزنطية خلال هذه الفترة خمسة أباطرة، فقد رأى الباحث أن يکون الترکيز في هذه الدراسة على عصر واحد فقط من هؤلاء الأباطرة، هو عصر الإمبراطور ميخائيل الثاني العموري، ليس باعتبار هذا العصر نموذجا للکتابة التاريخية عند جنسيوس، بل لانفراد هذا الجزء من أجزاء الکتاب دونا عن باقي الأجزاء بواحدة من أهم متطلبات البحث التاريخي، وهي اتصال الرواية التاريخية وتتابع أحداثها وفقا للتسلسل الزمني لوقوعها.