فتعد الدولة الخوارزمية من أهم الدول الإسلامية التي ظهرت على الساحة السياسية في المشرق الإسلامي، وقد اکتسبت هذه الأهمية من اتساع مساحتها، ومن جهادها ضد الغزو المغولي الکاسح للعالم الإسلامي، وکان السلطان جلال الدين منکبرتى آخر سلاطينها هو صاحب الفضل الکبير في جهاد المغول، وکان بمثابة سد منيع بين التتار والدويلات الإسلامية الأخرى في الشرق، وبعد مقتله أصبح الطريق مفتوحاً أمام جحافل المغول لإسقاط الخلافة الإسلامية في بغداد . ونظراً لأهمية شخصية هذا السلطان التاريخية، فقد حظى بکتابات الکثير من المؤرخين عنه، کان في مقدمتهم النسوى، الذي کتب عنه کتاباً سجل فيه حياته وأعماله وأصبح يحمل اسم "سيرة السلطان جلال الدين منکبرتى" وهو من الأخطاء الشائعة عن الکتاب، إذ أن الاسم الحقيقي له هو "سيرة الدولتين العلائية والجلالية" وهذا يعطي أهمية جديدة للکتاب بأنه مصدر هام لتاريخ الدولة الخوارزمية وصراعها مع المغول بوجه عام، وليس کتاباً خاصاً بسيرة السلطان جلال الدين منکبرتى. وبما أن للکتاب هذه الأهمية، فقد قمنا بدراسته دراسة تاريخية منهجية، تحدثنا فيها عن شخصية النسوى. مؤلف الکتاب. وتاريخ ارتباطه بخدمة سيده جلال الدين الذي کان يعيش في کنفه، وکذلک تاريخ تدوين النسوى لهذا الکتاب وأثر ذلک على ما جاء في الکتاب من مادة تاريخية. فقد کتب النسوى کتابا آخر باللغة الفارسية عن نفس الفترة ونفس الأحداث التي تحدث عنها في کتابه. موضوع البحث: حمل اسم "نفثة المصدور" فکان من واجبات الدراسة الحديث عنه وإثبات صحة نسبته للنسوى والسبب في کتابه النسوى لنفس الفترة والأحداث في کتابين منفصلين، وبلغتين مختلفتين. وقد ألقت الدراسة الضوء على طريقة تقسيم النسوى للمادة التاريخية الواردة في کتابه، وکذلک ذکر المصادر التي اعتمد عليها مثل المعاصرة والمشاهدة والمشافهة وغيرها من المصادر الأصلية التي رفعت من قيمة الکتاب التاريخية، مما جعل غيره من أعلام المؤرخين المسلمين، کالذهبي والنويري وابن خلدون وغيرهم يعتمدون عليه في تدوينهم لتاريخ الدولة الخوارزمية بوجه عام، ولسيرة جلال الدين منکبرتى بوجه خاص.