الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الخلق وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته وتمسک بسنته إلى يوم الدين .
فلقد خلق الله تعالي الإنسان وميزه على سائر المخلوقات بالعقل الذي يساعده على إدراک حقائق الأمور وأبعادها، ولما کانت بعض نفوس البشر تميل إلى الشر والجريمة، فقد رسمت الشريعة للناس طريقًا تستقيم به أمورهم وحياتهم , ووضعت عقوبات لمن تسول له نفسه بارتکابها وتهدد الأمن العام، ولما کانت جريمة اغتصاب الأطفال من أبشع الجرائم ضد الإنسانية وضد الأخلاق والفضيلة وتهدد الأمن العام؛ لکونها تهدم بناء المجتمع، وتنشر الفوضى والفساد، وتبث في نفوس الآمنين الرعب والخوف على النشأ والطفولة البريئة بالقضاء على تلک البراءة في الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة، ولا يملکون لأنفسهم دفعًا ولا نصرًا، بل ربما يکون المجني عليه حديث الولادة لا يملک من أمره شيئًا سوي صرخات فطره الله عليها عند الاستغاثة لأمره.
لهذا کله جاءت الشريعة الإسلامية بعقوبات رادعة لمن يقترف هذه الجريمة، وجعلت الجاني هنا محاربًا لله ورسوله وساعيًا بالفساد في الأرض. قال تعالي: "إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِکَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"([1]).
([1]) سورة المائدة آية رقم 33.