ان اکتساب الأموال غير المشروعة ليس بالفعل الجديد، ولکنه موجود منذ وقت مبکر، إلا أن الجديد في هذا الصدد هو اللجوء للاستفادة من تلک الأموال من خلال إضفاء الصبغة القانونية عليها عن طريق إخفاء مصدرها غير المشروع، وهذا ما اصطلح على تسميته "عمليات غسل الأموال"، الذي برز کمصطلح في نهاية الثمانينات من القرن الماضي([1])، معبرًا عن إحدى الظواهر الإجرامية المستحدثة التي أصبحت مثار أرق وقلق لسائر دول العالم کبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها على حد سواء. إذ أنها وبحسبانها من أخطر جرائم عصر الاقتصاد الرقمي، تمثل أنشطة غسل الأموال إحدى أهم التحديات الحقيقية التي تجابه طموح مؤسسات المال والأعمال، فضلاً عما تحدثه من آثار جد خطيرة، سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.
([1])غسل الأموال يعد مرکباً إضافياً يتکون من جزءين ويقوم تعريفه عليهما، أولها غسل، فالغسل في اللغة له معنى مباشر يعني نظافة الشيء أو تنظيفه بالماء وتطهيره من الدنس. فيقال غسلت الشيء غسلاً وغُسلا، والغَسْل مصدر لغسلت والغُسْل اسم لاغتسال. انظر إبن منظور, لسان العرب, دار أحياء التراث العربي, بيروت, الجزء العاشر, الطبعة الثانية, 1997م, ص 70. وتأتي صيغة المبالغة من فعل الغسل على صيغة "تغسيلا" وتقال عند المبالغة ([1])، ولذلک فإن کلمة غسل هي الکلمة الصحيحة الدالة على هذه الجريمة بدلاً من الخطأ الشائع المستخدم لمصطلح غسيل. جبران مسعود, الرائد معجم لغوي عصري, دار العلم للملايين, بيروت, الطبعة السابعة, 1992م, ص579. ولذلک فإن کلمة غسل هي الکلمة الصحيحة الدالة على هذه الجريمة بدلاً من الخطأ الشائع المستخدم لمصطلح غسيل عبد المجيد قاسم عبد المجيد, غسل الأموال في أحکام الشريعة الإسلامية, رسالة ماجستير, جامعة التحدي, ليبيا, 2007م, ص 68.وهو المصطلح المطبق في معظم الأنظمة العربية کالنظام السعودي والقانون الإماراتي على سبيل المثال، بالإضافة أنه المصطلح المعتمد في الأمم المتحدة في وثائقها محمد إبراهيم خيري الوکيل, مکافحة جريمة غسل الأموال في المملکة العربية السعودية, مکتبة القانون والاقتصاد, الرياض, 2016م, ص19.