لعبت عقود التجارة الإلكترونية دوراً مهماَ في السنوات الأخيرة من خلال التجارة عن بعد أو العابرة للقارات، والتي أدت بشكل كبير إلى تضخم التبادل التجاري المحلي والدولي مما جعل العالم يتعامل معها كأحد مظاهر التجارة في العقدين الأخيرة والتي تعادل التجارة التقليدية في كثير من الأمور، بل وتزيد عليها في بعض الأحيان.
وبناءً على ذلك فقد اكتسب عقد التجارة الإلكترونية اهتماماً كبيراً من قبل الجهات التشريعية والقضائية على مستوى الدول والمنظمات، مما انعكس على تنظيم هذا العقد والاعتراف به لزيادة ثقة المتعاملين به، ثم من خلال تسوية منازعات هذا العقد بإجراءات وقواعد تضمن تحقيق العدالة التي تحقق المقصود من هذا العقد.
وحيث أن عقد التجارة الإلكترونية يتولد عنه بعض الإشكالات القانونية والقضائية بسبب طبيعته واختلاف أماكن أطرافه، وما ينتج عن ذلك من تنازع اختصاص القضاء فيه وكذلك في تحديد القانون الواجب التطبيق، كل هذا استوجب أن يبتكر القانونيين وسائل أخرى لتحقيق العدالة بعيداً عن المحاكم التقليدية يكون لهذه الوسائل قوة أحكام القضاء، وتتميز باليسر والسهولة.
وبالتالي فإن هذا البحث سيتطرق لمسألة تسوية منازعات عقد التجارة الإلكترونية بالوسائل البديلة من خلال النظر في إجراءات تسوية هذه المنازعات في فرنسا والاتحاد الأوروبي، وذلك بمناقشة أهم هذه الوسائل كالتسوية والتحكيم (المطلب الأول) وما يتعلق بهما من إشكالات وفروق، ثم بعد ذلك نناقش الوساطة (المطلب الثاني) ونفصل فيها من حيث مفهومها وأساليبها، كما أننا نحتاج إلى النظر في بعض الوسائل الأخرى البديلة لتسوية هذه المنازعات (المطلب الثالث).