أثر النزاع المسلح في سوريا بشدة على کافة مناحي الحياة بها؛ إذ لقي أکثر من 250 ألف سوري حتفهم، ونزح ما يربو على 11 مليون آخرين من ديارهم، وطال تأثيره آثارها وممتلکاتها الثقافية التي لا تقدر بثمن، وتعددت أشکال الاعتداءات على تلک الآثار والممتلکات ما بين التخريب والتدمير من خلال القتال في المواقع الأثرية أو بالقرب منها، إلى النهب والاتجار غير المشروع بها.
استنادًا إلى قواعد القانون الدولي العام، فإن الممتلکات الثقافية "ذات الأهمية الکبرى لتراث الشعوب" – وفقًا لأحکام اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلکات الثقافية – محمية ضد مختلف أشکال الأفعال غير المشروعة بما في ذلک التدمير والتخريب والنهب والاتجار غير المشروع بها، فضلاً عن أنَّ هذه الأفعال غير المشروعة مجرمة وفقًا لأحکام القانون الدولي الجنائي باعتبارها جرائم حرب. ومع ذلک، فقد أظهر النزاع المسلح في سوريا قصور القواعد القانونية الحالية عن حمايتها سواء من خلال التدابير أو من خلال تحديد الافعال المجرمة والعقاب عليها.
ولما تقدم، فإن هذا البحث يهدف إلى دراسة مدى فاعلية تطبيق قواعد القانون الدولي، وکيفية تطويرها فيما يتعلق بحماية الممتلکات الثقافية ضد الافعال غير المشروعة الواقعة عليها، وسبل ملاحقة المسئولين عن تلک الافعال، وذلک بالتطبيق على النزاع المسلح في سوريا.